الخيانة سلوك مكتسب أو سلوك موروث وتاريخ المغرب يعيد نفسه مع أبناء وأحفاد الخونة
أقول لحركة 20 فبراير ومكوناتها ومن يساندها : إننا معشر المغاربة الأحرار بلطجية وشمكارة ومخزنيين وعملاء للبوليس وكل ما تريدونه من أوصاف، لكن رغم ادعاءـاتكم نحن مقتنعين أننا وطنيين أبناء وأحفاد الوطنيين، وعلى دربهم سائرون، لم نخن قط ديننا ولا وطننا ولا ملكنا. فاقنعونا بأى شىء إلا بالخيانه... واعلموا أن للخيانة صوراً مختلفة تختلف فى بشاعتها وجرائمها باختلاف آثارها، وهي من أبشع الخصال المذمومة، وأدعاها إلي سقوط الكرامة والفشل والإخفاق (وأنتم تدعون الكرامة والحرية !!!)، ولذلك جاءت الأيات الكريمة محذرة منها كقوله تعالي : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " الأنفال ـ27.
هكذا أنتم، فإذا كنتم تختلقون لأنفسكم ألف عذر وعذر، لتقنعوننا بأنكم تحبون الخير لوطنكم وأنكم لستم بخونة، فإننا سنضع خصالكم تحت المجهر لنبين لكم أصولكم، وأركان الخيانة المتوفرة فيكم والتي ظهرت منذ أول يوم خرجتم فيه تحت رايتكم السوداء تطعنون في الله وفي الوطن وفي الملك.
لقد حاولتم إضعاف الثقة بيننا، وإشاعة التناكر والتخاوف والشك في صفوفنا، وأردتم اللعب على أوتار فصم روابطنا الإجتماعية، وإفساد مصالحنا الخاصة والعامة، وعزمتم على بعثرة طاقاتنا ونشر حالات التسيب في ما بيننا. فكل هذه الخصال التي اجتمعت فيكم هي خصال الخونة، وبالتالى تجعل منكم خونة من الدرجة الممتازة.
فلنرجع معكم ونددق " حبة حبة " في ماضيكم البعيد، لأننا مؤمنون أن ذاكرة ماضي المغاربة الأحرار (الذين كانوا، ولا يزالون أغلبية ساحقة، وأمثالكم أقل من أقلية عدمية)، لا ولن تنسى ما ذاق آباؤها وأجدادها الغيورين على وطنهم من ويلات من طرف أسلاف من يخونون وطنهم اليوم من حيث يدرون أو لا يدرون أنهم " أكفس " أوأبشع خلف ل" أكفس " وأبشع سلف !!!.
هكذا أنتم، فإذا كنتم تختلقون لأنفسكم ألف عذر وعذر، لتقنعوننا بأنكم تحبون الخير لوطنكم وأنكم لستم بخونة، فإننا سنضع خصالكم تحت المجهر لنبين لكم أصولكم، وأركان الخيانة المتوفرة فيكم والتي ظهرت منذ أول يوم خرجتم فيه تحت رايتكم السوداء تطعنون في الله وفي الوطن وفي الملك.
لقد حاولتم إضعاف الثقة بيننا، وإشاعة التناكر والتخاوف والشك في صفوفنا، وأردتم اللعب على أوتار فصم روابطنا الإجتماعية، وإفساد مصالحنا الخاصة والعامة، وعزمتم على بعثرة طاقاتنا ونشر حالات التسيب في ما بيننا. فكل هذه الخصال التي اجتمعت فيكم هي خصال الخونة، وبالتالى تجعل منكم خونة من الدرجة الممتازة.
فلنرجع معكم ونددق " حبة حبة " في ماضيكم البعيد، لأننا مؤمنون أن ذاكرة ماضي المغاربة الأحرار (الذين كانوا، ولا يزالون أغلبية ساحقة، وأمثالكم أقل من أقلية عدمية)، لا ولن تنسى ما ذاق آباؤها وأجدادها الغيورين على وطنهم من ويلات من طرف أسلاف من يخونون وطنهم اليوم من حيث يدرون أو لا يدرون أنهم " أكفس " أوأبشع خلف ل" أكفس " وأبشع سلف !!!.
أن يخونك أجانب غرباء عن وطنك فهذا أمر طبيعي ويمكن أن نسميهم بالأعداء، لكن أن تأتي الخيانة من أبناء جلدتك ووطنك فهذه هي الكارثة العظمى.
الآن لماذا اللف والدوران !!!، لنكون واضحين ونقول بصراحة، أن الخيانة ليست عبتية أو وليدة ظروف قهرية، بل هي نتاج لأمرين إثنين لا ثالث لهما، فهي إما أن تكون موروث (سواء سلوكي أو جيني)، ينتقل من الآباء أو الأجداد إلى الأبناء والأحفاد، كما سنرى، أو أنها صادرة عن أفراد لا أصل ولا مفصل لهم (يعني لقطاء إما في حاضرهم أو في ماضي آباؤهم أو أجدادهم) هذه هي حقيقتهم المرة، والتي يجب على أي أحد، يرى أن الخصال التي ذكرنا تعنيه، أن يتأكد من أصوله.
إن الخيانة سلوكاً موروثاً ينتقل من الآباء أو الأجداد إلى الأبناء والأحفاد بطريقة مباشرة بتقليد سلوكهم، فيصبح هذا السلوك سلوكاً مكتسباً، وهو ما يعزز ويؤكد ما نراه اليوم من سلوك أبناء بعض مما يقال عنهم مناضلين حزبيين أو حقوقيين، فتراهم يدخلون معهم، رغم فارق السن، في " المعمعة " بنفس النهج ونفس المعارك العدمية، التي ما هي في الحقيقة سوى خيانة لوطنهم. ثانياً قد تكون الخيانة سلوكاً موروثاً ينتقل من الآباء أو الأجداد عبر الجينات الوراثية، فيصيب هذا السلوك إما الأبناء أو الأحفاد أو كلاهما معاً، فتصبح الخيانة مرض من الأمراض الوراثية المزمنة.
فسلوك الفرد وتصرفاته يندرجان في الأصل تحت علم الوراثة، فالخيانة والإخلاص سلوك يتعلمه الإنسان منذ بدء قدرته على استقبال الأشياء، أو يزدادان معه وراثياً عبر جيناته.
إن تاريخ المغرب مليء بالخونة الذين كانوا يتعاملون مع أعداء وطنهم أو مع الإستعمار، بل كان منهم حتى الذين كانت لهم سلطة سياسية أو روحية أو علمية، ووجهوها ضد إرادة إخوانهم المغاربة الأحرار، لكنهم لحسن الحظ كانوا لهم دائماً بالمرصاد. فلا غرابة أن نرى اليوم، على ضوء ما أشرنا إليه من موروث الخيانة امتداداً لها في حياتنا الراهنة، أو بمعنى آخر ما يعرفه المغرب من خونة يخونون دينهم ووطنهم وملكهم، هم أبناء أو أحفاد الخونة ونحن كذلك لهم بالمرصاد. فهل خونة الماضي القريب أو البعيد كانوا عاقرين ولم يلدوا ولم يخلفوا أبناء أو أحفاد وانقرضت جيناتهم ولم يرثهم أحد ؟، طبعاً لا، وعلى اللبيب أن يفهم اللغز والقصد.
قديماً لم يكن يتردد بقوة بين المغاربة مفهوم الخيانة، بل لم يأخذ معناه الحالي، أي " خيانة الوطن "، إلا مع ظهور " الحركة الوطنية " في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، وبالضبط أثناء مناهضة الظهير البربري، الذي سعى من خلاله الإستعمار الفرنسي، إلى تقسيم المغرب إلى عرب يحتكمون إلى الشريعة الإسلامية، و" بربر " تحكمهم الأعراف المحلية والقوانين الفرنسية، حيث سيشار إلى المناهضين لهذا الظهير بالوطنيين، فيما سيطلق على المنحازين إليه وإلى فرنسا بالخونة. كلمة خائن ستترسخ لدى المغاربة أكثر سنة 1953، بعدما نفت فرنسا محمد الخامس، وأجلست على عرشه إبن عرفة
السلطان الدمية محمد بن عرفة أراد أن يصبح ملكاً فمات غريباً في فرنسا
حيث سيشرع المقاومون إلى نعت من بايعوا إبن عرفة ملكاً بالخونة، ففي هذه الأثناء " وُضعت قائمة تضم 65 خائناً بارزاً، دون الإشارة إلى الخونة من العامة..." إذا كان الإنسان بالمرصاد للوطنيين ويعمل جهده للإطاحة بهم، فهؤلاء كنا ننفذ فيهم الإعدام "، يحكي المقاوم الحسن العرائشي.
في هذا الصدد وبمقتضى ظهير شريف عدد 103ـ59 المؤرخ بسادس رمضان 1377 (27 مارس1958)، أحدثت لجنة مهمتها إصدار العقوبات في حق الأشخاص الواردة أسماؤهم في لا ئحة صدر بها المرسوم عدد131.9.572، المؤرخ بثالث صفر 1377 الموافق 3 شتنبر 1957، وفي لا ئحة يقدمها رئيس الحكومة ووزير الداخلية. هذه اللجنة التي أطلق عليها إسم " لجنة تطهير الخونة "، هي التي أسندت إليها مهمة التحقيق في من قاموا عن طواعية بدور حاسم في إعداد وتنفيذ وتوطيد مؤامرة غشت 1953، أي مبايعة ابن عرفة، أو ارتكبوا أعمال عنف ضد الشعب أو المقاومين في الفترة المتراوحة ما بين 24 دجنبر 1950 و 16 نونبر 1955. بالإضافة إلى مهمة التحقق من الأسماء المعروضة عليها، كما أنيطت بها مهمة تحديد العقوبة المستحقة في حق هؤلاء الخونة، من تجريدهم من حقوق المواطنة إلى مصادرة أموالهم، إذا ما ثبت أن ثروتهم اكتسبت كلها أو بعضها إما بطريقة غير مشروعة وإما بتجاوز الحد في استعمال السلطة أو استغلال النفوذ، وقد تم تفصيل عقوبة التجريد من حقوق المواطنين، في " تنبيه " ذيل اللائحة النهائية للخونة، وهو الحرمان من " حق الإنتخابات، وحق مزاولة نشاط سياسي أو نقابي، أو حق شغل وظيفة عمومية، والتجريد من كل الرتب في الجيش، والعزل من وظيفة المقاولة، وعدم القبول كمحلف قضائي أوخبير أو شاهد لدى المحاكم، والحرمان من مزاولة التعليم وحق تسيير الصحافة والإذاعة والسينما وغيرها.
فأول ملاحظة أثيرت آنداك حول هذه اللائحة، هي أنها جاءت محددة من طرف الوزير الأول والداخلية ، من دون أن تترك للجنة المشرفة إمكانية أن تضيف عليها أسماء أخرى، الشيء الذي جعل بعض المؤرخين يعتبرون أنها لم تتعرض لأهم الخونة الذين عادوا إلى دواليب السلطة مباشرة بعد الإستقلال، حيث غداة الإستقلال، استأسد خونة الأمس وأصهار المستعمرين و" شكامة الفرنساويين "، وجنود الإستعمار الفرنسي فأصبحوا وزراء ورتبيين في الجيش. وهؤلاء معروفين لدي المغاربة حتى الأمس القريب !!!، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وأبناؤهم وأحفادهم ما زالوا بين ظهرانينا وهم كذلك منهم من خان، ومنهم من يخون الآن، ومنهم من ينتظر.
وسنأخذ كمثال على أن الخيانة سلوكاً موروثاً، أو قصة الشاعر محسن الهزاني مع إبنه " من شابه أباه فما ظلم "، قصة المارشال أمزيان (وبالمناسبة هناك أحد أحفاده إلى يومنا هذا ينشط كمعارض مغربي بالخارج).
المارشال أمزيان والجنرال أوفقير يساراً
إفتتح للمارشال محمد أمزيان في يونيو 2006، بجماعة بني انصار، القريبة من مدينة الناظور متحف، وهو الإفتتاح الذي حضره بالاضافة إلى بعض ممثلي الحكومة المغربية، كل من الجنرال رافاييل باربودو، الرجل الثاني في الجيش الإسباني، والجنرال فيسنتي دياز دي بييكاس، القائد العسكري العام لمدينة مليلية، الذي حضر بزيه العسكري، ناهيك عن السفير الإسباني بالمغرب. وموازاة مع هذا الحضور الرسمي، حج إلى موقع الإفتتاح عدد من الجمعيات الحقوقية والثقافية بالريف، محتجة ومنددة بتكريم هذا العسكري الذي " سبق له أن شارك مع الجانب الإسباني في معركة أنوال ضد الريفيين بقيادة عبد الكريم الخطابي سنة 1921
عبد الكريم الخطابي قائد معركة أنوال
وسنة 1959 في الحملة القمعية التي باشرها المخزن المغربي ضد انتفاضة الريف، مرتكباً في ذلك أفظع الجرائم الإنسانية "، يقول البيان الذي صدر حينها عن " جمعية الريف لحقوق الإنسان "، فلماذا اختار أمزيان خيانة أهله ومواجهتهم ؟.
كان محمد أمزيان يبلغ من العمر 13 سنة، عندما إلتحق سنة 1913 بالمعهد الحربي بمدينة طوليدو الإسبانية، في هذا المعهد العسكري سيتعرف على زميل دراسة أمه فرانسيسكو فرانكو، الذي سيصبح دكتاتور إسبانيا الفاشيستي، وسيقلد صديقه المغربي رتبة جنرال. وفي سنة 1921، ستنطلق المقاومة الريفية بقيادة عبد الكريم الخطابي، حيث سيصطف الضابط أمزيان إلى جانب زملائه الإسبان في مواجهة أبناء جلدته من الريفيين، الذين سحقوا 13 ألف من عساكر المحتل الإسباني في واحدة من أشهر المعارك في تاريخ المغرب وهي معركة أنوال. فعلاً من شابه أباه فما ظلم، فوالده هو كذلك كان خائناً بحيث أثناء حرب الريف، كان يحرض الإسبان، على إبادة الريفيين. تحكي ماريا روسا دي مادارياغا في كتابها : " مغاربة في خدمة فرانكو "، أنه صرح في غشت 1921 لأحد الصحافيين الإسبان قائلا : " السياسة الوحيدة التي يجب اتباعها مع المورو (المغاربي) هي القوة والشدة، يجب القضاء عليه وإبادته بالغازات السامة ".
بعد استقلال المغرب سنة 1956، سيلتحق أمزيان بالجيش الملكي، حيث سيقضي ثلاث سنوات في تهيء أفراده وكتائبه التي سيقودها سنة 1959 لقمع انتفاضة الريف، التي يسميها الريفيون " عام إقبارن "، حيث قتل ونكل بالمئات من أهل الريف، وفي سنة 1970 سوف يعلنه الملك الحسن الثاني أول وآخر عسكري برتبة مارشال في تاريخ المغرب، وسيعيده إلى إسبانيا سفيراً.
ـ أما التهامي الكلاوي الذي يعثبر مهندس الخونة، فقد أصدر يوم 19 ماي 1953، بياناً أعرب فيه عن " صداقته وإخلاصه لفرنسا وحقده على محمد الخامس، مؤكداً عليها، أنها إما أن تبادر بإبعاد محمد الخامس أو يستعدوا هم للرحيل..." ، يؤكد المؤرخ عبد الكريم الفيلالي في كتابه " التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير "، بعدها بيومين، أي في 21 ماي 1953 وقع 270 من الباشاوات والقواد عريضة جاء فيها : " إننا معشر القواد في مختلف الجهات المغربية ومن في دائرتهم من المغاربة رجال حركة المعارضة والإصلاح (أنظروا التاريخ يعيد نفسه، حركة المعارضة والإصلاح كحركة 20 فبراير المعارضة الآن والتي هي كذلك تدعي الإصلاح)، الممضين أسفله تحت رئاسة سعادة الباشا الهمام السيد الحاج التهامي المزواري الكلاوي، نتقدم بكل شرف (هل عند الخونة شرف ؟ هذا ما نلاحظه حتى الآن مع حركة فيفي ونعني بها مكوناتها)، إلى سعادة المقيم العام للدولة الفرنسية الفخيمة بما يأتي : بما أن السلطان سيدي محمد بن يوسف خرج عن جميع رجال المغرب العاملين (يعني الخونة، نعم خرج عنهم )، واتبع طريقاً مخالفاً للقواعد الدينية (أنظروا التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، مع جماعة العدل والإحسان، وما تدعيه الآن !!!)، بانتمائه للأحزاب المتطرفة غير المعترف بها وتطبيق مبادئها في البلاد، الشيء الذي جعله يسير بالمغرب في طريق الهاوية، فإننا بصفتنا كبراء المغرب (الله يلعن اللي ما تيحشمش، كبراء الخونة أصبحوا كبراء المغرب)، وأصحاب الحل والعقد، ومن ذوي الغيرة على الدين الإسلامي نقدم لسعادة المقيم العام (أميرهم كمؤمنين)، وللدولة الفرنسية طلب عزل السلطان عن الحكم وتنحيته عن العرش وإسناد هذا الأمر إلى من يستحقه " (سبحان الله ألا يعيد التاريخ نفسه، تماماً كما يحدث الآن مع جماعة العدل والإحسان، وحلفاؤها مكونات حركة 20 فبراير ؟).
بعد عودة محمد الخامس من منفاه، إرتمى التهامي الكلاوي ارتماءته الشهيرة تحت قدميه، ملتمساً عفوه، وبعد صدور لائحة الخونة ورد إسمه وإسم إبنيه إبراهيم واحماد، ضمنها، وحكم عليهم بعدم الأهلية الوطنية لمدة 15 سنة مع مصادرة أملاكهم إلا أن التهامي الكلاوي لم يكن ليعيش خارج ماء السلطة، بحيث سيموت في 13 يناير1956.
ـ أما الخائن عبد الرحمان الحجوي، فعندما أسس محمد اشماعو جريدة " الوداد " بمدينة سلا، وكلفه بإرادتها، لم يتوقع أحد من الوطنيين أن تصبح جريدة " السعادة " لسان حال الإقامة العامة الفرنسية، أكبر بوق مهلل للإستعمار، وضد الوطنيين، بحيث أصبحت شيئاً فشيئا تتنكر لوطنيتها، وتعلن انحيازها للمستعمر، تارة بمبرر احترام معاهدة 1912، وتارة بمبرر تجنب الفوضى، ثم أخيراً بوقوفها مباشرة ضد محمد الخامس والحركة الوطنية التي أصبحت تعتبرها شيوعية وضد قيم الوطن!!!. وبعد نفي محمد الخامس في 21 غشت 1953، كتبت الجريدة تهانيها شعراً إلى ابن عرفة. وجزاء لخط تحريرها، تم تعيين مديرها عبد الرحمان الحجوي مدير للتشريفات في قصر ابن عرفة.
وقد زاد هذا التعيين الحجوي حماسا للكتابة ضد الوطنين وضد السلطان الشرعي الذي لم يكن يتورع في رميه بأقذع النعوت (كما هو حال بعض الخونة اليوم). وقد صنفت " لجنة تطهير الخونة " عبد الرحمان الحجوي ضمن لا ئحة الأشخاص الذين صدر في حقهم حكم " عدم الأهلية الوطنية، والتجريد من كافة حقوق المواطنين لمدة خمسة عشر عاما، ومصادرة جميع أملاكهم ".
ونذكر بعض أسماء الخونة كالسلطان السعدي المسلوخ محمد المتوكل الذي خان أهله فسلخوا جلده، وشقوا بطنه وحشوه بالتبن، في معركة واد المخازن. لما ظهر له بأن عمه قريب من السيطرة على البلاد، ترك عرشه ولجأ إلى ملك الرتغال يطلب نصرته على عمه، حيث سيشترط الملك البرتغالي على السلطان الخائن أن يمنحه مقابل إعادته إلى عرشه، جميع شواطئ المملكة، وهو ما تعهد به.
إن ذاكرة المغاربة الجماعية لا تنسى، رغم أن التاريخ دون أسماء الخونة الذين تآمروا ضد أجدادنا ووطننا، فإن الكثير من المغاربة الأحرار حكى لهم أجدادهم أو آباءهم أحداث ووقائع وقعت على امتداد التراب الوطني مباشرة بعد الإستقلال، حيث كانت كلما تعرفت الجماهير على خائن من الخونة أو عميل من عملاء الإستعمار إلا وهاجموه للنيل منه. وقد عرف المغرب أمثلة كثيرة يمكن رصد بعضها لتوضيح جوانب من الواقع الذي كان سائداً آنذاك. فالقصة المشهورة هي التي حدثت في 19 نوفمبر1955 حيث قصد إبن البغدادي خليفة باشا فاس القصر الملكي بالرباط بقصد طلب العفو من الملك، على غرار ما فعله خونة وعملاء قبله. آنذاك تعرفت عليه جماهير مدينة فاس التي كانت حاضرة بمشور القصر الملكي بالرباط، فهم البعض للهجوم عليه وعندما أخرج سلاحه لحماية نفسه إنقض عليه أحد الحاضرين وطعنه بحنجره وتم حرقه والجماهير تهتف : " ألبغدادي شْتِّي المَانْضَة مَا شْتِّي هَاذِي ". ولقي نفس المصير بن العربي الفشتالي وهو قائد عميل للإستعمار وعبد الله بن عبد الهادي زنيبر والقائد اليموري من عرباوة وعبد الشاوني محامي بمحكمة فاس. وفي الدار البيضاء كان العربي المسكيني أول عميل وجاسوس بعد رجوع الملك لقي حتفه على يد مقاوم، وفي مراكش لقي نفس المصير بونبولة الذي تسبب في اعتقال جماعة الفطواكي.
ومع تناسل هذه الأحداث الدموية، ورغم أن ولي العهد آنذاك مولاي الحسن أعلن للمغاربة قائلا : " إن محمد الخامس يطلب منكم أن تغفروا لأولئك الذين أساءوا إليكم ". إلا أن " الكية" التي اكتوى بها الوطنيون كانت أقوى ورفضوا الشعار الرسمي القائل " عفا الله عما سلف والماضي لا يعاد "، واستمروا في ملاحقة الخونة وعملاء الإستعمار في مختلف المدن المغربية، مما أدخلهم آنذاك في صراع مكشوف مع الدولة في بعض الأحيان.
ـ أما الصحفي العلوي الذي يعتبر من أقدم الصحفيين المغاربة الذين بدؤوا مشوارهم المهني على أمواج " راديو ماروك " (لا علاقة له بمصطفى العلوي قيدوم الصحفيين ومدير نشر "الأسبوع الصحفي"، وهذا لا يعني عدم علاقته بهذا الموضوع، بل سنأتي على إعطائه حقه فيه، أما الآن فيتعلق الأمر بعلي العلوي، أو علي بن الشريف العلوي، كما يحلو له)، وهي الإذاعة التي كانت بوق فرنسا الإستعمارية، والتي كان من ضمن من عمل فيها في مرحلة الحماية مدير الأسبوع السياسي مصطفى العلوي هو كذلك.
فهل كان علي العلوي مجرد موظف محايد ؟ أم أنه كان" صحفياً متميزاً سخر قلمه الغزير في الدفاع عن قضايا الوطن والتصدي لمؤامرات ودسائس الأعداء "، كما قال عنه رفيقه في الحزب امحند العنصر؟ أم أن الرجل كان صوتاً من أصوات " راديو ماروك ". عن ذلك يجيب عبد الكريم الفيلالي في " التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير " قائلاً : " علي العلوي المعروف بفضائحه زمن الإستعمار الفرنسي وما كان يتقيؤه على المغرب والمغاربة بواسطة برنامجه " بين الشرق والغرب "، قبل أن يضيف الفيلالي متسائلاً : " بربك هل صاحب برنامج " بين الشرق والغرب "، المحكوم بخيانته والمدرج إسمه في لائحة الذين صدر في حقهم ظهير ملكي يرسم تلك الخيانة منذ شهر مارس 1958، صدر في حقه العفو حتى يصبح نائباً في البرلمان ؟ ".
ـ أما الآن فقد جاء دور صاحب " الحقيقة الضائعة " مصطفى العلوي، الذي قضت في حقه محكمة الإستئناف بالرباط، أمس الإثنين 27 يونيو، بمليون درهم كتعويض لفائدة موظفين في السفارة المغربية في ليبيا. كل ما نرفه عنه هو أنه قيدوم الصحفيين المغاربة ومدير نشر " الأسبوع الصحافي " الحالية
مصطفى العلوي مدير أسبوعية " الأسبوع الصحفي "
وما لا يعرفه عنه المغاربة، بغض النظر على نضاله اليساري الذي سجن ربما من أجله، هو أنه قيدوم الإذاعيين كذلك، لكن ليس بالإذاعة الوطنية، بل في إذاعة " راديو ماروك" الإستعمارية، فقد كتبت " أوال " أنه، عادة لا يتحدث في حواراته وكتاباته، عن تجربته بهذه الإذاعة، بل يوثر أن يبدأ مساره الإعلامي من مجلة " المشاهد " التي أطلقها غداة الإستقلال، فهل يعني ذلك أن الرجل يقصي بشكل منهجي هذه التجربة الإذاعية من سجله، اعتبار لكون اسمه ارتبط في ذهن المغاربة بالصحافة المكتوبة ؟ أم أنه يهمل، لأسباب فنية، الكلام عن التجربة الأولى التي عادة ما تشوبها الهواية والإرتجال ؟، أم أن ثمة سراً وراء الأكمة ؟. من المعروف أن " راديو ماروك " لم يكن فعلاً للمرُّوكْ أي للمغاربة، بل كان بوقاً للخطاب السياسي الإستعماري، ولم يكن يسمح لأي من المواطنين أو المتعاطفين معهم بالإِشتغال فيه، فما الذي كان يقوله العلوي في هذا الراديو.. هل كان يقدم برنامجا للأغاني والأماني ؟، بل تقول الأخبار أنه كان " مخبراً للفرنسين "، والله أعلم !!!، يقول الباحث في مجال التاريخ محمد القاجيري، في سياق حديثه عن الموقف السلبي لمجلة المشاهد التي كان يديرها مصطفى العلوي من انتفاضة الريف لعام 1958، والتي لم تكن تتوان في كيل " الأوصاف والنعوت القدحية، خلال فترة الإستعمار، المشابهة لأوصاف مجلة " المشاهد " التي كانت تصدر من سيدة فرنسية ويديرها الأمازيغوفوبي مصطفى العلوي، والذي كان يعمل صحافياً بإذاعة المغرب راديو ماروك التابعة للإستعمار الفرنسي.
مصطفى العلوي كان يردد " الملك محمد بنعرفة نصره الله، كما جاء في بعض كتب التاريخ. لقد كان " قيدوم الصحافيين بالمغرب "، كما يسمى الآن، مدير ورئيس التحرير مجلة " المشاهد" وصاحب جريدة" الأسبوع الصحافي " الحالية، يصف سكان الريف المنتفضين في جبال الريف بعدة أوصاف احتقارية مهينة ومشينة... وتبقى الحقيقة الضائعة عما كان يقوله مصطفى العلوي في " راديو ماروك" هي الفصل المبتور في سجل قيدوم الإذاعيين أولاً، والصحافة المكتوبة ثانياً. فهل كان خائنا ؟.
فهل فهم المعنيون بالأمر من أية طينة هم ؟ !!!، طبعاً فهموا لكنهم كما قلنا، سيختلقون لأنفسهم ألف عذر وعذر، ليقنعوننا بالعكس، لأن شعارهم " إنا عكسنا، ومامفكينش، ولا من أجل لا، ولو طارت معزة " وهذا العناد والغرور والتعالي لم يأت صدفة، بل مخرجات السلوك المورو الغير فاضل، في ظل تسلط زمرة من النكرات الذين أعطتهم الدولة حق باطل في الخروج إلى الشارع للنضال العدمي والدفاع عما يدعونه حقوق الإنسان الكونية، وهم يخفون وراءهم كم هائل من " الخيانة " ، حتى أصبح مع مرور الأيام، للنكرة فيهم ذات، وللجبانة فيهم عضلات، ولعديم الضمير فيهم لسان، وللخائنة الزانية فيهم كلمة.
لقد تركناهم يتعلمون الكلام في مدارس صمتنا، فظنوا أنهم أصبحوا أولياء أمورنا لهم الحق في التكلم باسمنا "، فخرجوا علينا " الشعب يريد "... !!!، ماذا يريد ؟ !!!. نحن الشعب الحقيقي، الوفي لا نريد الخيانة ... آباؤنا وأجدادنا كانوا للخونة بالمرصاد، ونحن لأبنائهم وأحفادهم بالمثل، وصدق من قال : " من شابه (في المواطنة أو الخيانة) أباه فما ظلم ". لقد كسرنا الصمت وهدمنا حتى مدرسته التي تعلم فيها الخونة صمتنا، وخرجنا نهتف " الشعب يريد الإصلاح مع ملكه وبملكه "، والله والوطن والملك.
نحن لا ننطق عن الهوى فالشعب الحر من طنجة إلى لكٌويرة أصبح يعرف الخونة والعملاء
اسمع صوت الشعب
الآن لماذا اللف والدوران !!!، لنكون واضحين ونقول بصراحة، أن الخيانة ليست عبتية أو وليدة ظروف قهرية، بل هي نتاج لأمرين إثنين لا ثالث لهما، فهي إما أن تكون موروث (سواء سلوكي أو جيني)، ينتقل من الآباء أو الأجداد إلى الأبناء والأحفاد، كما سنرى، أو أنها صادرة عن أفراد لا أصل ولا مفصل لهم (يعني لقطاء إما في حاضرهم أو في ماضي آباؤهم أو أجدادهم) هذه هي حقيقتهم المرة، والتي يجب على أي أحد، يرى أن الخصال التي ذكرنا تعنيه، أن يتأكد من أصوله.
إن الخيانة سلوكاً موروثاً ينتقل من الآباء أو الأجداد إلى الأبناء والأحفاد بطريقة مباشرة بتقليد سلوكهم، فيصبح هذا السلوك سلوكاً مكتسباً، وهو ما يعزز ويؤكد ما نراه اليوم من سلوك أبناء بعض مما يقال عنهم مناضلين حزبيين أو حقوقيين، فتراهم يدخلون معهم، رغم فارق السن، في " المعمعة " بنفس النهج ونفس المعارك العدمية، التي ما هي في الحقيقة سوى خيانة لوطنهم. ثانياً قد تكون الخيانة سلوكاً موروثاً ينتقل من الآباء أو الأجداد عبر الجينات الوراثية، فيصيب هذا السلوك إما الأبناء أو الأحفاد أو كلاهما معاً، فتصبح الخيانة مرض من الأمراض الوراثية المزمنة.
فسلوك الفرد وتصرفاته يندرجان في الأصل تحت علم الوراثة، فالخيانة والإخلاص سلوك يتعلمه الإنسان منذ بدء قدرته على استقبال الأشياء، أو يزدادان معه وراثياً عبر جيناته.
إن تاريخ المغرب مليء بالخونة الذين كانوا يتعاملون مع أعداء وطنهم أو مع الإستعمار، بل كان منهم حتى الذين كانت لهم سلطة سياسية أو روحية أو علمية، ووجهوها ضد إرادة إخوانهم المغاربة الأحرار، لكنهم لحسن الحظ كانوا لهم دائماً بالمرصاد. فلا غرابة أن نرى اليوم، على ضوء ما أشرنا إليه من موروث الخيانة امتداداً لها في حياتنا الراهنة، أو بمعنى آخر ما يعرفه المغرب من خونة يخونون دينهم ووطنهم وملكهم، هم أبناء أو أحفاد الخونة ونحن كذلك لهم بالمرصاد. فهل خونة الماضي القريب أو البعيد كانوا عاقرين ولم يلدوا ولم يخلفوا أبناء أو أحفاد وانقرضت جيناتهم ولم يرثهم أحد ؟، طبعاً لا، وعلى اللبيب أن يفهم اللغز والقصد.
قديماً لم يكن يتردد بقوة بين المغاربة مفهوم الخيانة، بل لم يأخذ معناه الحالي، أي " خيانة الوطن "، إلا مع ظهور " الحركة الوطنية " في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، وبالضبط أثناء مناهضة الظهير البربري، الذي سعى من خلاله الإستعمار الفرنسي، إلى تقسيم المغرب إلى عرب يحتكمون إلى الشريعة الإسلامية، و" بربر " تحكمهم الأعراف المحلية والقوانين الفرنسية، حيث سيشار إلى المناهضين لهذا الظهير بالوطنيين، فيما سيطلق على المنحازين إليه وإلى فرنسا بالخونة. كلمة خائن ستترسخ لدى المغاربة أكثر سنة 1953، بعدما نفت فرنسا محمد الخامس، وأجلست على عرشه إبن عرفة
السلطان الدمية محمد بن عرفة أراد أن يصبح ملكاً فمات غريباً في فرنسا
حيث سيشرع المقاومون إلى نعت من بايعوا إبن عرفة ملكاً بالخونة، ففي هذه الأثناء " وُضعت قائمة تضم 65 خائناً بارزاً، دون الإشارة إلى الخونة من العامة..." إذا كان الإنسان بالمرصاد للوطنيين ويعمل جهده للإطاحة بهم، فهؤلاء كنا ننفذ فيهم الإعدام "، يحكي المقاوم الحسن العرائشي.
في هذا الصدد وبمقتضى ظهير شريف عدد 103ـ59 المؤرخ بسادس رمضان 1377 (27 مارس1958)، أحدثت لجنة مهمتها إصدار العقوبات في حق الأشخاص الواردة أسماؤهم في لا ئحة صدر بها المرسوم عدد131.9.572، المؤرخ بثالث صفر 1377 الموافق 3 شتنبر 1957، وفي لا ئحة يقدمها رئيس الحكومة ووزير الداخلية. هذه اللجنة التي أطلق عليها إسم " لجنة تطهير الخونة "، هي التي أسندت إليها مهمة التحقيق في من قاموا عن طواعية بدور حاسم في إعداد وتنفيذ وتوطيد مؤامرة غشت 1953، أي مبايعة ابن عرفة، أو ارتكبوا أعمال عنف ضد الشعب أو المقاومين في الفترة المتراوحة ما بين 24 دجنبر 1950 و 16 نونبر 1955. بالإضافة إلى مهمة التحقق من الأسماء المعروضة عليها، كما أنيطت بها مهمة تحديد العقوبة المستحقة في حق هؤلاء الخونة، من تجريدهم من حقوق المواطنة إلى مصادرة أموالهم، إذا ما ثبت أن ثروتهم اكتسبت كلها أو بعضها إما بطريقة غير مشروعة وإما بتجاوز الحد في استعمال السلطة أو استغلال النفوذ، وقد تم تفصيل عقوبة التجريد من حقوق المواطنين، في " تنبيه " ذيل اللائحة النهائية للخونة، وهو الحرمان من " حق الإنتخابات، وحق مزاولة نشاط سياسي أو نقابي، أو حق شغل وظيفة عمومية، والتجريد من كل الرتب في الجيش، والعزل من وظيفة المقاولة، وعدم القبول كمحلف قضائي أوخبير أو شاهد لدى المحاكم، والحرمان من مزاولة التعليم وحق تسيير الصحافة والإذاعة والسينما وغيرها.
فأول ملاحظة أثيرت آنداك حول هذه اللائحة، هي أنها جاءت محددة من طرف الوزير الأول والداخلية ، من دون أن تترك للجنة المشرفة إمكانية أن تضيف عليها أسماء أخرى، الشيء الذي جعل بعض المؤرخين يعتبرون أنها لم تتعرض لأهم الخونة الذين عادوا إلى دواليب السلطة مباشرة بعد الإستقلال، حيث غداة الإستقلال، استأسد خونة الأمس وأصهار المستعمرين و" شكامة الفرنساويين "، وجنود الإستعمار الفرنسي فأصبحوا وزراء ورتبيين في الجيش. وهؤلاء معروفين لدي المغاربة حتى الأمس القريب !!!، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وأبناؤهم وأحفادهم ما زالوا بين ظهرانينا وهم كذلك منهم من خان، ومنهم من يخون الآن، ومنهم من ينتظر.
وسنأخذ كمثال على أن الخيانة سلوكاً موروثاً، أو قصة الشاعر محسن الهزاني مع إبنه " من شابه أباه فما ظلم "، قصة المارشال أمزيان (وبالمناسبة هناك أحد أحفاده إلى يومنا هذا ينشط كمعارض مغربي بالخارج).
المارشال أمزيان والجنرال أوفقير يساراً
إفتتح للمارشال محمد أمزيان في يونيو 2006، بجماعة بني انصار، القريبة من مدينة الناظور متحف، وهو الإفتتاح الذي حضره بالاضافة إلى بعض ممثلي الحكومة المغربية، كل من الجنرال رافاييل باربودو، الرجل الثاني في الجيش الإسباني، والجنرال فيسنتي دياز دي بييكاس، القائد العسكري العام لمدينة مليلية، الذي حضر بزيه العسكري، ناهيك عن السفير الإسباني بالمغرب. وموازاة مع هذا الحضور الرسمي، حج إلى موقع الإفتتاح عدد من الجمعيات الحقوقية والثقافية بالريف، محتجة ومنددة بتكريم هذا العسكري الذي " سبق له أن شارك مع الجانب الإسباني في معركة أنوال ضد الريفيين بقيادة عبد الكريم الخطابي سنة 1921
عبد الكريم الخطابي قائد معركة أنوال
وسنة 1959 في الحملة القمعية التي باشرها المخزن المغربي ضد انتفاضة الريف، مرتكباً في ذلك أفظع الجرائم الإنسانية "، يقول البيان الذي صدر حينها عن " جمعية الريف لحقوق الإنسان "، فلماذا اختار أمزيان خيانة أهله ومواجهتهم ؟.
كان محمد أمزيان يبلغ من العمر 13 سنة، عندما إلتحق سنة 1913 بالمعهد الحربي بمدينة طوليدو الإسبانية، في هذا المعهد العسكري سيتعرف على زميل دراسة أمه فرانسيسكو فرانكو، الذي سيصبح دكتاتور إسبانيا الفاشيستي، وسيقلد صديقه المغربي رتبة جنرال. وفي سنة 1921، ستنطلق المقاومة الريفية بقيادة عبد الكريم الخطابي، حيث سيصطف الضابط أمزيان إلى جانب زملائه الإسبان في مواجهة أبناء جلدته من الريفيين، الذين سحقوا 13 ألف من عساكر المحتل الإسباني في واحدة من أشهر المعارك في تاريخ المغرب وهي معركة أنوال. فعلاً من شابه أباه فما ظلم، فوالده هو كذلك كان خائناً بحيث أثناء حرب الريف، كان يحرض الإسبان، على إبادة الريفيين. تحكي ماريا روسا دي مادارياغا في كتابها : " مغاربة في خدمة فرانكو "، أنه صرح في غشت 1921 لأحد الصحافيين الإسبان قائلا : " السياسة الوحيدة التي يجب اتباعها مع المورو (المغاربي) هي القوة والشدة، يجب القضاء عليه وإبادته بالغازات السامة ".
بعد استقلال المغرب سنة 1956، سيلتحق أمزيان بالجيش الملكي، حيث سيقضي ثلاث سنوات في تهيء أفراده وكتائبه التي سيقودها سنة 1959 لقمع انتفاضة الريف، التي يسميها الريفيون " عام إقبارن "، حيث قتل ونكل بالمئات من أهل الريف، وفي سنة 1970 سوف يعلنه الملك الحسن الثاني أول وآخر عسكري برتبة مارشال في تاريخ المغرب، وسيعيده إلى إسبانيا سفيراً.
ـ أما التهامي الكلاوي الذي يعثبر مهندس الخونة، فقد أصدر يوم 19 ماي 1953، بياناً أعرب فيه عن " صداقته وإخلاصه لفرنسا وحقده على محمد الخامس، مؤكداً عليها، أنها إما أن تبادر بإبعاد محمد الخامس أو يستعدوا هم للرحيل..." ، يؤكد المؤرخ عبد الكريم الفيلالي في كتابه " التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير "، بعدها بيومين، أي في 21 ماي 1953 وقع 270 من الباشاوات والقواد عريضة جاء فيها : " إننا معشر القواد في مختلف الجهات المغربية ومن في دائرتهم من المغاربة رجال حركة المعارضة والإصلاح (أنظروا التاريخ يعيد نفسه، حركة المعارضة والإصلاح كحركة 20 فبراير المعارضة الآن والتي هي كذلك تدعي الإصلاح)، الممضين أسفله تحت رئاسة سعادة الباشا الهمام السيد الحاج التهامي المزواري الكلاوي، نتقدم بكل شرف (هل عند الخونة شرف ؟ هذا ما نلاحظه حتى الآن مع حركة فيفي ونعني بها مكوناتها)، إلى سعادة المقيم العام للدولة الفرنسية الفخيمة بما يأتي : بما أن السلطان سيدي محمد بن يوسف خرج عن جميع رجال المغرب العاملين (يعني الخونة، نعم خرج عنهم )، واتبع طريقاً مخالفاً للقواعد الدينية (أنظروا التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى، مع جماعة العدل والإحسان، وما تدعيه الآن !!!)، بانتمائه للأحزاب المتطرفة غير المعترف بها وتطبيق مبادئها في البلاد، الشيء الذي جعله يسير بالمغرب في طريق الهاوية، فإننا بصفتنا كبراء المغرب (الله يلعن اللي ما تيحشمش، كبراء الخونة أصبحوا كبراء المغرب)، وأصحاب الحل والعقد، ومن ذوي الغيرة على الدين الإسلامي نقدم لسعادة المقيم العام (أميرهم كمؤمنين)، وللدولة الفرنسية طلب عزل السلطان عن الحكم وتنحيته عن العرش وإسناد هذا الأمر إلى من يستحقه " (سبحان الله ألا يعيد التاريخ نفسه، تماماً كما يحدث الآن مع جماعة العدل والإحسان، وحلفاؤها مكونات حركة 20 فبراير ؟).
بعد عودة محمد الخامس من منفاه، إرتمى التهامي الكلاوي ارتماءته الشهيرة تحت قدميه، ملتمساً عفوه، وبعد صدور لائحة الخونة ورد إسمه وإسم إبنيه إبراهيم واحماد، ضمنها، وحكم عليهم بعدم الأهلية الوطنية لمدة 15 سنة مع مصادرة أملاكهم إلا أن التهامي الكلاوي لم يكن ليعيش خارج ماء السلطة، بحيث سيموت في 13 يناير1956.
ـ أما الخائن عبد الرحمان الحجوي، فعندما أسس محمد اشماعو جريدة " الوداد " بمدينة سلا، وكلفه بإرادتها، لم يتوقع أحد من الوطنيين أن تصبح جريدة " السعادة " لسان حال الإقامة العامة الفرنسية، أكبر بوق مهلل للإستعمار، وضد الوطنيين، بحيث أصبحت شيئاً فشيئا تتنكر لوطنيتها، وتعلن انحيازها للمستعمر، تارة بمبرر احترام معاهدة 1912، وتارة بمبرر تجنب الفوضى، ثم أخيراً بوقوفها مباشرة ضد محمد الخامس والحركة الوطنية التي أصبحت تعتبرها شيوعية وضد قيم الوطن!!!. وبعد نفي محمد الخامس في 21 غشت 1953، كتبت الجريدة تهانيها شعراً إلى ابن عرفة. وجزاء لخط تحريرها، تم تعيين مديرها عبد الرحمان الحجوي مدير للتشريفات في قصر ابن عرفة.
وقد زاد هذا التعيين الحجوي حماسا للكتابة ضد الوطنين وضد السلطان الشرعي الذي لم يكن يتورع في رميه بأقذع النعوت (كما هو حال بعض الخونة اليوم). وقد صنفت " لجنة تطهير الخونة " عبد الرحمان الحجوي ضمن لا ئحة الأشخاص الذين صدر في حقهم حكم " عدم الأهلية الوطنية، والتجريد من كافة حقوق المواطنين لمدة خمسة عشر عاما، ومصادرة جميع أملاكهم ".
ونذكر بعض أسماء الخونة كالسلطان السعدي المسلوخ محمد المتوكل الذي خان أهله فسلخوا جلده، وشقوا بطنه وحشوه بالتبن، في معركة واد المخازن. لما ظهر له بأن عمه قريب من السيطرة على البلاد، ترك عرشه ولجأ إلى ملك الرتغال يطلب نصرته على عمه، حيث سيشترط الملك البرتغالي على السلطان الخائن أن يمنحه مقابل إعادته إلى عرشه، جميع شواطئ المملكة، وهو ما تعهد به.
إن ذاكرة المغاربة الجماعية لا تنسى، رغم أن التاريخ دون أسماء الخونة الذين تآمروا ضد أجدادنا ووطننا، فإن الكثير من المغاربة الأحرار حكى لهم أجدادهم أو آباءهم أحداث ووقائع وقعت على امتداد التراب الوطني مباشرة بعد الإستقلال، حيث كانت كلما تعرفت الجماهير على خائن من الخونة أو عميل من عملاء الإستعمار إلا وهاجموه للنيل منه. وقد عرف المغرب أمثلة كثيرة يمكن رصد بعضها لتوضيح جوانب من الواقع الذي كان سائداً آنذاك. فالقصة المشهورة هي التي حدثت في 19 نوفمبر1955 حيث قصد إبن البغدادي خليفة باشا فاس القصر الملكي بالرباط بقصد طلب العفو من الملك، على غرار ما فعله خونة وعملاء قبله. آنذاك تعرفت عليه جماهير مدينة فاس التي كانت حاضرة بمشور القصر الملكي بالرباط، فهم البعض للهجوم عليه وعندما أخرج سلاحه لحماية نفسه إنقض عليه أحد الحاضرين وطعنه بحنجره وتم حرقه والجماهير تهتف : " ألبغدادي شْتِّي المَانْضَة مَا شْتِّي هَاذِي ". ولقي نفس المصير بن العربي الفشتالي وهو قائد عميل للإستعمار وعبد الله بن عبد الهادي زنيبر والقائد اليموري من عرباوة وعبد الشاوني محامي بمحكمة فاس. وفي الدار البيضاء كان العربي المسكيني أول عميل وجاسوس بعد رجوع الملك لقي حتفه على يد مقاوم، وفي مراكش لقي نفس المصير بونبولة الذي تسبب في اعتقال جماعة الفطواكي.
ومع تناسل هذه الأحداث الدموية، ورغم أن ولي العهد آنذاك مولاي الحسن أعلن للمغاربة قائلا : " إن محمد الخامس يطلب منكم أن تغفروا لأولئك الذين أساءوا إليكم ". إلا أن " الكية" التي اكتوى بها الوطنيون كانت أقوى ورفضوا الشعار الرسمي القائل " عفا الله عما سلف والماضي لا يعاد "، واستمروا في ملاحقة الخونة وعملاء الإستعمار في مختلف المدن المغربية، مما أدخلهم آنذاك في صراع مكشوف مع الدولة في بعض الأحيان.
ـ أما الصحفي العلوي الذي يعتبر من أقدم الصحفيين المغاربة الذين بدؤوا مشوارهم المهني على أمواج " راديو ماروك " (لا علاقة له بمصطفى العلوي قيدوم الصحفيين ومدير نشر "الأسبوع الصحفي"، وهذا لا يعني عدم علاقته بهذا الموضوع، بل سنأتي على إعطائه حقه فيه، أما الآن فيتعلق الأمر بعلي العلوي، أو علي بن الشريف العلوي، كما يحلو له)، وهي الإذاعة التي كانت بوق فرنسا الإستعمارية، والتي كان من ضمن من عمل فيها في مرحلة الحماية مدير الأسبوع السياسي مصطفى العلوي هو كذلك.
فهل كان علي العلوي مجرد موظف محايد ؟ أم أنه كان" صحفياً متميزاً سخر قلمه الغزير في الدفاع عن قضايا الوطن والتصدي لمؤامرات ودسائس الأعداء "، كما قال عنه رفيقه في الحزب امحند العنصر؟ أم أن الرجل كان صوتاً من أصوات " راديو ماروك ". عن ذلك يجيب عبد الكريم الفيلالي في " التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير " قائلاً : " علي العلوي المعروف بفضائحه زمن الإستعمار الفرنسي وما كان يتقيؤه على المغرب والمغاربة بواسطة برنامجه " بين الشرق والغرب "، قبل أن يضيف الفيلالي متسائلاً : " بربك هل صاحب برنامج " بين الشرق والغرب "، المحكوم بخيانته والمدرج إسمه في لائحة الذين صدر في حقهم ظهير ملكي يرسم تلك الخيانة منذ شهر مارس 1958، صدر في حقه العفو حتى يصبح نائباً في البرلمان ؟ ".
ـ أما الآن فقد جاء دور صاحب " الحقيقة الضائعة " مصطفى العلوي، الذي قضت في حقه محكمة الإستئناف بالرباط، أمس الإثنين 27 يونيو، بمليون درهم كتعويض لفائدة موظفين في السفارة المغربية في ليبيا. كل ما نرفه عنه هو أنه قيدوم الصحفيين المغاربة ومدير نشر " الأسبوع الصحافي " الحالية
مصطفى العلوي مدير أسبوعية " الأسبوع الصحفي "
وما لا يعرفه عنه المغاربة، بغض النظر على نضاله اليساري الذي سجن ربما من أجله، هو أنه قيدوم الإذاعيين كذلك، لكن ليس بالإذاعة الوطنية، بل في إذاعة " راديو ماروك" الإستعمارية، فقد كتبت " أوال " أنه، عادة لا يتحدث في حواراته وكتاباته، عن تجربته بهذه الإذاعة، بل يوثر أن يبدأ مساره الإعلامي من مجلة " المشاهد " التي أطلقها غداة الإستقلال، فهل يعني ذلك أن الرجل يقصي بشكل منهجي هذه التجربة الإذاعية من سجله، اعتبار لكون اسمه ارتبط في ذهن المغاربة بالصحافة المكتوبة ؟ أم أنه يهمل، لأسباب فنية، الكلام عن التجربة الأولى التي عادة ما تشوبها الهواية والإرتجال ؟، أم أن ثمة سراً وراء الأكمة ؟. من المعروف أن " راديو ماروك " لم يكن فعلاً للمرُّوكْ أي للمغاربة، بل كان بوقاً للخطاب السياسي الإستعماري، ولم يكن يسمح لأي من المواطنين أو المتعاطفين معهم بالإِشتغال فيه، فما الذي كان يقوله العلوي في هذا الراديو.. هل كان يقدم برنامجا للأغاني والأماني ؟، بل تقول الأخبار أنه كان " مخبراً للفرنسين "، والله أعلم !!!، يقول الباحث في مجال التاريخ محمد القاجيري، في سياق حديثه عن الموقف السلبي لمجلة المشاهد التي كان يديرها مصطفى العلوي من انتفاضة الريف لعام 1958، والتي لم تكن تتوان في كيل " الأوصاف والنعوت القدحية، خلال فترة الإستعمار، المشابهة لأوصاف مجلة " المشاهد " التي كانت تصدر من سيدة فرنسية ويديرها الأمازيغوفوبي مصطفى العلوي، والذي كان يعمل صحافياً بإذاعة المغرب راديو ماروك التابعة للإستعمار الفرنسي.
مصطفى العلوي كان يردد " الملك محمد بنعرفة نصره الله، كما جاء في بعض كتب التاريخ. لقد كان " قيدوم الصحافيين بالمغرب "، كما يسمى الآن، مدير ورئيس التحرير مجلة " المشاهد" وصاحب جريدة" الأسبوع الصحافي " الحالية، يصف سكان الريف المنتفضين في جبال الريف بعدة أوصاف احتقارية مهينة ومشينة... وتبقى الحقيقة الضائعة عما كان يقوله مصطفى العلوي في " راديو ماروك" هي الفصل المبتور في سجل قيدوم الإذاعيين أولاً، والصحافة المكتوبة ثانياً. فهل كان خائنا ؟.
فهل فهم المعنيون بالأمر من أية طينة هم ؟ !!!، طبعاً فهموا لكنهم كما قلنا، سيختلقون لأنفسهم ألف عذر وعذر، ليقنعوننا بالعكس، لأن شعارهم " إنا عكسنا، ومامفكينش، ولا من أجل لا، ولو طارت معزة " وهذا العناد والغرور والتعالي لم يأت صدفة، بل مخرجات السلوك المورو الغير فاضل، في ظل تسلط زمرة من النكرات الذين أعطتهم الدولة حق باطل في الخروج إلى الشارع للنضال العدمي والدفاع عما يدعونه حقوق الإنسان الكونية، وهم يخفون وراءهم كم هائل من " الخيانة " ، حتى أصبح مع مرور الأيام، للنكرة فيهم ذات، وللجبانة فيهم عضلات، ولعديم الضمير فيهم لسان، وللخائنة الزانية فيهم كلمة.
لقد تركناهم يتعلمون الكلام في مدارس صمتنا، فظنوا أنهم أصبحوا أولياء أمورنا لهم الحق في التكلم باسمنا "، فخرجوا علينا " الشعب يريد "... !!!، ماذا يريد ؟ !!!. نحن الشعب الحقيقي، الوفي لا نريد الخيانة ... آباؤنا وأجدادنا كانوا للخونة بالمرصاد، ونحن لأبنائهم وأحفادهم بالمثل، وصدق من قال : " من شابه (في المواطنة أو الخيانة) أباه فما ظلم ". لقد كسرنا الصمت وهدمنا حتى مدرسته التي تعلم فيها الخونة صمتنا، وخرجنا نهتف " الشعب يريد الإصلاح مع ملكه وبملكه "، والله والوطن والملك.
نحن لا ننطق عن الهوى فالشعب الحر من طنجة إلى لكٌويرة أصبح يعرف الخونة والعملاء
اسمع صوت الشعب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق