قبل سردنا لهذه القصة العظيمة التي رواها الإمام البخاري رحمه الله، لابد أن نلقي نظرة عن أبطالها. فأبو هريرة هو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل من كبار الصحابة, وقد أجمع أهل الحديث أنه أكثر الصحابة روايةً وحفظاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. إسمه في الجاهلية عبد شمس بن صخر، ولما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن صخر الدوسي نسبة إلى قبيلة دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران. أما الشيطان لعنه الله، فهو كائن خارق للعادة مخلوق من نار عصى الله فأخرجه من رحمته. عموماً يعرف الشيطان بأنه تجسيداً للشر في كثير من المعتقدات والأديان باختلاف المسميات وفي أحيان كثيرة يعتبر هو وأعوانه من أعداء الله والبشر. يمثلون الشر وكل ماينطوي تحته من أفعال وأفكار في الحروب المقدسة أو الكونية ضد الخير. وتختلف تسمياته من ديانة لأخرى، ففي الإسلام هو " شيطان وإبليس " من الجان يغوي البشر لإرتكاب الذنوب والمعاصي بحق الله. وفي المسيحية فهو " لوسيفر أو ستان "، حيث يعتبر عندهم ملاكاً ساقطاً. أما في اليهودية فهو أحد أعضاء المحكمة الإلهية ليهوه. فالشيطان يلعب دوراً محورياً في هذه الأديان الثلاث تحديداً، وقد ارتبط إسمه بالكفر والهرطقة وكل ما يمكن اعتباره كذلك حسب المعتقد والدين.
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " وَكَّلَنِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت : والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : إني محتاج وعليَّ عيالٌ ولي حاجةٌ شديدة، قال : فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟، قال : قلت : يا رسول الله، شكا حاجةً شديدة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله، قال : أما إنه قد كذبك وسيعود، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه سيعود. فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : دعني فإني محتاج وعلي عيالٌ ولن أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك ؟، قلت : يا رسول الله، شكا حاجةً شديدةً وعيالاً فرحمته فخليت سبيله، قال : أما إنه قد كذبك وسيعود. فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه ثلاث مرات تزعم أنك لا تعود ثم تعود، قال : دعني وسوف أعلمك كلماتٍ ينفعك الله بها، قلت: ما هي ؟، قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي : {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم } سورة البقرة، حتى تختم الآية، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطانٌ حتى تصبح؛ فخليت سبيله. فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة ؟، قلت : يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلماتٍ ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال : وما هي ؟، قلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية : {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم }وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبح - وكانوا أحرص شيءٍ على الخير- فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد صدقك وهو كذوب، أتعلم من تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة ؟، قال : لا. قال : ذاك الشيطان ".
حفظنا الله وأياكم من شياطين الجان والإنس وجنودهما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق