17 مارس 2011

حركة 20 فبراير ـ نصيحة هامة ـ

في الواجهة : العدل والنهج

ما هي العلاقة التي تجمع بين النهج الديموقراطي والعدل والإحسان ؟. كلاهما يريدان إسقاط النظام، فيما عدا ذلك لا جامع بين الإثنين.
نتذكر اليوم أيام الجامعة حين كان القواعدية يهاجمون الخوانجية، وحين كان الخوانجية يخططون ليلاً لاقتحام معاقل الكلاكلية. لم تكن الجامعة المغربية في بداية التسعينيات تلك تشبه جامعة اليوم. كنا نعيش حالة احتضار الفعل النضالي الطلابي، وكانت معارك سنوات 1990 و 1991 هي آخر معالم احتضار هذا الفعل.

عشنا لقطة نور الدين جرير الطالب القاعدي الذي ألقى به عدليون من الطابق الثالث للحي الجامعي بظهر المهراز بعد أن أشبعوه ضرباً بتهمة الإلحاد والتجديف و " التبول على القرآن الكريم ". عشنا عن بعد هذه المرة لحظة اغتيال المعطي بوملي الطالب القاعدي في وجدة بطوار الرصيف من طرف عدليين جعلوا رأس المعطي يلتصق أرضاً إلى الختام. عشنا ـ وأتذكر أن نزهة الشقروني الوزيرة السابقة وسفيرة المغرب اليوم في كندا كانت تدرسنا " تقنيات التعبير " يومها في شعبة الأدب الفرنسي بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس ـ مشهدنا ونحن نطل من قاعة الدرس على ميليشيات العدل والإحسان وهي ترابض على السور الفاصل بين كليتي الآداب والعلوم ترقباً لمرور قاعديين أو دخولهم إلى الجامعة، وعشنا الكثير بعد ذلك من هذه المشاهد قبل أن تتحول الجامعة إلى روض كبير للأطفال لا وجود فيه لنقاش سياسي أو فكري أو ما شابه اليوم. كل هذا وغيره كثير نتذكره اليوم والنهج الديموقراطي يضع يده في يد العدل والإحسان، في سبيل السطو على حركة " 20 فبراير ".
نتساءل مجدداً : ما الجامع بين الإثنين ؟ ونجيب مجدداً : لا شيء اللهم الرغبة في إسقاط النظام. هما معاً يقولان اليوم إن هناك لحظة تاريخية لطالما انتظرناها تبدو لهما أقرب من حبل الوريد. الأوائل جربوا كل أنواع العمل السري والمعلن والسلمي والمسلح، التي يمكن تخيلها ولم يتمكنوا من تحقيق مرادهم. والآخرون جربوا الرؤية والحلم بالقومة وتهيئ الناس للخروج واستغلال فلسطين والعراق وأفغانستان والبوسنة هيرسك والشيشان ويعلم الله ماذا ولم يتمكنوا ، واليوم هما معاً يقولان إن شباب " 20 فبراير "، مكنوهما مما كان مستحيلاً قبل هذا الزمن : أن يخرجا إلى الشوارع دون أن تمتد إليهما يد. وهذا المعطى يكفي في نظريهما لكي يتحالفا من أجل تحقيق مطلبهما، أما المستقبل فشيء مؤجل نقاشه إلى حين، على عادة من لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم على الدوام.
المنطق السليم يقول لنا إن علينا استباق أي شيء، والذهاب مع رياضي وأمين وفتح الله أرسلان ونادية ياسين حتى الختام وطرح السؤال الجريء، والشجاع اليوم : إيه، وغدا مللي غاديين تبقاو غير نتوما بجوج شنو غادي يوقع ؟. هل سيتحول الوطن كله إلى ساجة دماء تشبه ساحاتنا الجامعية التي درسنا فيها ؟، هل سيدخل القاعديون إسلام العدل والإحسان ؟، أم سيصبا العدليون وسيعتنقون مذهب المنجل والمطرقة ؟.
أعترف أن السؤال مزعج للغاية، لكنه دورنا الحقيقي أن نطرح أكثر الأسئلة إزعاجاً لا أن نعوم على عوم الشارع حيث مضى أغلبنا شجع شباب " 20 فبراير "، وقال إن الحركة تستحق منا كل حدب وعناية، واليوم من أوجب الواجبات حمايتها من الحمقى والمتطرفين. أسئلة الحركة اليوم ينبغي أن تطرح بعقلانية كاملة، أن نستوعب المعطيات التي تمت هذا الأسبوع، أن تسائل نفسها والمتعاطفين معها إن كان الأمر كافياً أم أنه بداية فقط أم هو آخر المتوفر، وأن تبني موقفها على إجاباتها العميقة والرصينة والمدروسة عن هذه الأسئلة.
أعترف أن بعض ردود الأفعال صدمتني، ولكم حزنت حين قرأت من ينالون من القامة القانونية عبد اللطيف المنوني ويتساءلون " واش هادا اللي غادي يصنع لينا الدستور ؟، علماً أن جزء كبيراً منهم " مازال ما كملش قرايتو "، وما زال عاجزاً عن تحديد معنى كلمة الدستور، لكن سنوات الإنحطاط التي تربينا فيها علمتنا التطاول على كبارنا دون أدنى إشكال، وهي أولى علامات الجهل المركب والعياذ بالله. لكن وبغض النظر عن بعض الحمقى الذين ينبغي لحركة 20 فبراير أن تتخلص منهم إذا أرادت أن تكون حركة الشعب المغربي كله. يبقى لنا أملنا في هؤلاء الوافدين الجدد أن يمتلكوا القدرة الخرافية اليوم لفهم ما يجري فعلاً، ولاستيعاب الظرف التاريخي الذي نمر منه، لأننا لا نريد أي تغيير دموي في البلد.
نريده تغييراً هادئاً، سلمياً، حضارياً، بدأه الملك بمد يديه معاً نحو إصلاح دستوري شامل، من الممكن أن نواصله بتقديم بقية المطالب بالشكل الحضاري إياه، باستيعاب الممكن منها، بفهم المتعذر حالياً، بقراءة المعطيات كلها تلك التي تسمح بهذه الخطوة، والأخرى التي تجعل الخطوة  الثانية مستحيلة الآن. لا أحد يملك مصلحة في المغرب اليوم في الدفع نحو تأزيم الوضع إلا الطرفان المذكوران، وهما معاً يقومان بالمسألة لرغبتهما المعبر عنها سالفاً، لكنهما معاً لا يستطيعان أن يقنعا عاقلاً واحداً أنهما أصحاب أفق مبشر بالديموقراطية أو الحرية أو ما شابه : النهج والعدلديموقراطيتهما معروفة للجميع خصوصاً إذا كان هذا الجميع متابعاً جيداً لما يفعله هؤلاء منذ سنوات.
أملي كبير وأمل المغاربة كثر في شباب العشرين من فبراير الذين نقول عنهم حتى الآن نهم يحلمون بحرية كاملة للبلد، لا حرية على مقاس العدل والإحسان، أو على مقاس النهج الديموقراطي، في أن يمتلك الصغار الجرأة اللازمة اتصفية حركتهم من الشوائب، حتى لا تختلط الشعارات ببعضها، ويتشابه البقر علينا، ولا نعرف في الختام من يريد القطع مع الإستبداد، ومن يريد فقط تغيير الاستبداد القادم باستبداد أسوي منه.
ملحوظة لا علاقة لها بما سبق : الموقف المرعب الذي دعا إليه قيادي في التوحيد والإصلاح باحتلال منصات موازين في حال انعقاده، هو موقف يقول لنا كل شيء عن شكل المستقبل الذي يخفيه لنا بعض القادمين على صهوة التدين السياسي إلينا. كنا نناقش في السابق هؤلاء بسبب موقفهم من استدعاء فنان إلى بلادنا. كنا ننتقد تكفيرهم للبعض، كنا نتساءل عن علاقة السياسة بالفن، وكنا نطالب بعدم الخلط بين الأشياء لكي تظل الأمور على سيرها المستقيم، وكنا نقول من حق هؤلاء في الختام أن يطالبوا بما شاؤوا لكن من حقنا الرد عليهم. اليوم لا نجد فعلاً ما نقوله لهؤلاء وهم يهددون باحتلال منصات موازين، فعلاً لا كلام ينفع مع هؤلاء.
المختار لغزيوي ـ الأحداث ـ

لكل من يستهدف مقدساتنا
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما --- رقصت على جثت الأسود كلابُ
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها --- فالأسد أسدُ و الكلاب كلابُ
تبقى الأسـود مخيفة في أسرها --- حتى وإن نبحت عليها كلابُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق