إستثناؤنا المغربي
وهذه حسنة أخرى تحسب لحركة 20 فبراير " الله يعطينا بركتها ". يوم الخميس الفارط شيء ما إرتج في دواخل كل من يحب هذا البلد لدى سماع خبر إطلاق سراح العديدين. لن نكذب هنا ونحن نقول إن العديدين أرادوا هذا الإطلاق اليوم قبل الغد، بل ربما لاحرج في أن أفشي سراً هو
أننا كتبنا افتتاحية الجريدة بعد أن سمعنا بإطلاق سراح التامك ومن معه، نطالب فيه بضم الملفات الأخرى التي توجد موضع شك ونقاش إلى هذا الملف وإطلاق سراح الأبرياء، قبل أن نجد أنفسنا بعد ذلك نغير الإفتتاحية كلها ونحن نتلقى خبراً يقول إن الإفراج عام، وأنه شمل مايناهز المائة وتسعين ضمنهم المعتقلون السياسيون وضمنهم بعض معتقلي مايعرف بالسلفية الجهادية الذين لم يثبت في حقهم أي تورط في أعمال عنف مادية.
وهذه حسنة أخرى تحسب لحركة 20 فبراير " الله يعطينا بركتها ". يوم الخميس الفارط شيء ما إرتج في دواخل كل من يحب هذا البلد لدى سماع خبر إطلاق سراح العديدين. لن نكذب هنا ونحن نقول إن العديدين أرادوا هذا الإطلاق اليوم قبل الغد، بل ربما لاحرج في أن أفشي سراً هو

هي زفرة ارتياح تعقبها أخرى تأمل بأن ينقرض الإعتقال السياسي من البلد نهائياً، أن يعانق كل المظلومين الحرية، ألا يوجد خلف القضبان أبداً شخص جاهر برأيه فقط. لم يحمل سلاحاً، لم يتورط في جريمة ولم يهدد أمن إنسان ولا ممتلكات.
البعض في " الفيسبوك " و" التويتر " وغيرهما من المواقع التواصلية قال إن الفضل هو فضل 20 فبراير وليس فضل أي جهة أخرى. قلنا لا، الفضل الأول والأخير هو لخصلة التواصل التي لطالما انتقدنا غيابها عن البلد والتي أصبحنا بعد 20 فبراير نلمسها واضحة وبكل سلاسة. الشباب يعبرون في الشارع عن مواقفهم ومطالبهم، وعاهل البلاد يخرج في خطاب، عشرين يوماً بعد ذلك، لكي يلبي لهم قسطاً وافراً من هذه المطالب. ينزل الشباب مجدداً إلى الشارع ويطالبون بمطالب أخرى، يأتي القرار يوم الخميس الفارط بالاستجابة لأهمها أي إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وهو الشعار الذي كانت سترفعه مسيرات 24 أبريل القادمة.
هل هناك ما هو أفضل من كل هذا؟، بالتأكيد يوجد. أن نواصل الإستماع لبعضنا والتواصل مع بعضنا البعض. لنقل الأشياء بالصراحة الساذجة التي ألفنا أن نكتب بها : ماصنع المشكل سابقاً بين الراحل الحسن الثاني وبين الأحزاب التي كانت تعارضه، هو أنه رحمه الله كان مقتنعاً بشيء أساس هو أن لايستجيب أبداً لمطلب تقدمه له هذه الأحزاب تحت الضغط أو مايشيه الضغط، سواء كان الضغط إضراباً عاماً أو إضراباً قطاعياً أو ملتمس رقابة أو مايشبه كل هذا. العكس هو الذي كان يحصل كل مرة. تشن المعارضة إضراباً عاماً، ينزل الجيش إلى الشارع لكي يصوب نحو الناس بالرصاص الحي. تقدم المعارضة ملتمس رقابة، يهدد الملك بإعلان حالة الإستثناء وحل البرلمان من الأصل. تطالب المعارضة برأس إدريس البصري وضرورة إخراجه من الحكومة، يرد الحسن الثاني ببلاغ يكاد يقول إن البصري أصبح من المقدسات.
اليوم نحن نحيا شيئاً آخر مخالفاً تماماً. الشباب الذين كانوا صغاراً ربما في عهد الحسن الثاني إلى حد لايسعفهم للقيام بالمقارنة عليهم أن يسألوا من يفوقونهم سناً عما كان يحدث بالتحديد. نعم، اختلفت المعطيات محلياً وإقليمياً وعالمياً، نعم أحرق البوعزيزي نفسه في تونس وهرب بنعلي وخُلع مبارك وهو الآن في السجن رفقة نجليه، لكن علينا ألا ننسى شيئاً هاماً وأساسياً : القذافي يقتل شعبه اليوم لكي يبقى. علي عبد الله صالح يضرب بالرصاص الحي المتظاهرين لكي لايزول. بشار الأسد أباد بلدة إسمها درعا اكتشفها العالم يوم قبل أن تباد عن آخرها. حمد البحريني يقتنص شيعة المنامة من على الأسطح. حتى الملك قابوس الذي ننسى أنه موجود يطلق رصاص شرطته والجيش على المتظاهرين. جنرالات بوتفليقة يحاصرون الشعب الجزائري ويمنعونه من القيام بمظاهرة واحدة. " شكون آخر "؟.
المغرب، في هذا البلد الذي سيبح صوتنا ونحن نقول لكل من يريد أن يضعنا ضمن سلة البيض العربي الفاسد إننا لسنا منهم، ولا نشبههم ولانريد أن نتشبه بهم، يحدث شيء مغاير. علينا بكل تواضع ودون أي عقدة أو خوف من الإتهامات الفارغة من العدميين أن نقول إن ثمة شيئا مغايراً يحدث في بلدنا، كما كان الحال عليه منذ القرون والقرون. الملك استوعب أن مطالب الشباب في جزء غير يسير منها هي معقولة " ماعندنا مانقولو عليها "، وهو يستجيب لها الواحدة بعد الأخرى.
لي أنا المواطن المغربي الذي أحمل في دواخل الدواخل قلباً يأبى أن يرى دماً مغربياً يراق بالمجان على مذبح صراع سياسي يحله العالم المتحضر اليوم بالجلوس إلى طاولات الحوار أن أفخر بالمسار الكائن في بلدي وأن أضع اليد على الفؤاد خشية أن يمس هذا المسار، أن تقرر له جهة ما، في لحظة طيش ما، أن يتوقف.
إذا كانت هناك من حاجة اليوم لمسيرات في هذا البلد فهي الحاجة إلى مسيرات تطالب بالإستمرار في عملية التواصل هاته بين الملك وشعبه، لأن إيقافها يعني قتلنا جميعاً والإلقاء بنا إلى المجهول. رجاء، لنترك هذا الجسر ممدوداً ولنحاول أن نصلح كل شيء سلمياً فهذا هو قدرنا، وهذا هو الدرس الوحيد الذي يمكن أن نقدمه للعالم العربي المريض : درس الاستثناء المغربي الحقيقي.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق : التكريم الذي قام به منتدى أطر التلفزيون للإعلامي المغربي بن ددوش تكريم في محله، أعاد الرجل إلى الدار التي هجرها منذ سنوات، وأقسم ألا يضع رجليه فيها أبدا مادامت عاملته بجفاء لا يستحقه بعد كل العطاءـات التي قدمها إليها هو وغيره من الإعلاميين الكبار الذين تناساهم تلفزيوننا وإذاعتنا بعد أن تقاعدوا أو بعد أن أجبروا على التقاعد. عودة بن ددوش إلى داره الأولى، ونوعية الحضور الذي ساهم في تكريمه كل ذلك يقول إن خطوة الإدريسي ومنتدى الأطر كانت في محلها وفتحت باب مصالحة تاريخي في التلفزيون بين هذا الأخير وبين أبنائه الغاضبين من جفائه.
البعض في " الفيسبوك " و" التويتر " وغيرهما من المواقع التواصلية قال إن الفضل هو فضل 20 فبراير وليس فضل أي جهة أخرى. قلنا لا، الفضل الأول والأخير هو لخصلة التواصل التي لطالما انتقدنا غيابها عن البلد والتي أصبحنا بعد 20 فبراير نلمسها واضحة وبكل سلاسة. الشباب يعبرون في الشارع عن مواقفهم ومطالبهم، وعاهل البلاد يخرج في خطاب، عشرين يوماً بعد ذلك، لكي يلبي لهم قسطاً وافراً من هذه المطالب. ينزل الشباب مجدداً إلى الشارع ويطالبون بمطالب أخرى، يأتي القرار يوم الخميس الفارط بالاستجابة لأهمها أي إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وهو الشعار الذي كانت سترفعه مسيرات 24 أبريل القادمة.
هل هناك ما هو أفضل من كل هذا؟، بالتأكيد يوجد. أن نواصل الإستماع لبعضنا والتواصل مع بعضنا البعض. لنقل الأشياء بالصراحة الساذجة التي ألفنا أن نكتب بها : ماصنع المشكل سابقاً بين الراحل الحسن الثاني وبين الأحزاب التي كانت تعارضه، هو أنه رحمه الله كان مقتنعاً بشيء أساس هو أن لايستجيب أبداً لمطلب تقدمه له هذه الأحزاب تحت الضغط أو مايشيه الضغط، سواء كان الضغط إضراباً عاماً أو إضراباً قطاعياً أو ملتمس رقابة أو مايشبه كل هذا. العكس هو الذي كان يحصل كل مرة. تشن المعارضة إضراباً عاماً، ينزل الجيش إلى الشارع لكي يصوب نحو الناس بالرصاص الحي. تقدم المعارضة ملتمس رقابة، يهدد الملك بإعلان حالة الإستثناء وحل البرلمان من الأصل. تطالب المعارضة برأس إدريس البصري وضرورة إخراجه من الحكومة، يرد الحسن الثاني ببلاغ يكاد يقول إن البصري أصبح من المقدسات.
اليوم نحن نحيا شيئاً آخر مخالفاً تماماً. الشباب الذين كانوا صغاراً ربما في عهد الحسن الثاني إلى حد لايسعفهم للقيام بالمقارنة عليهم أن يسألوا من يفوقونهم سناً عما كان يحدث بالتحديد. نعم، اختلفت المعطيات محلياً وإقليمياً وعالمياً، نعم أحرق البوعزيزي نفسه في تونس وهرب بنعلي وخُلع مبارك وهو الآن في السجن رفقة نجليه، لكن علينا ألا ننسى شيئاً هاماً وأساسياً : القذافي يقتل شعبه اليوم لكي يبقى. علي عبد الله صالح يضرب بالرصاص الحي المتظاهرين لكي لايزول. بشار الأسد أباد بلدة إسمها درعا اكتشفها العالم يوم قبل أن تباد عن آخرها. حمد البحريني يقتنص شيعة المنامة من على الأسطح. حتى الملك قابوس الذي ننسى أنه موجود يطلق رصاص شرطته والجيش على المتظاهرين. جنرالات بوتفليقة يحاصرون الشعب الجزائري ويمنعونه من القيام بمظاهرة واحدة. " شكون آخر "؟.
المغرب، في هذا البلد الذي سيبح صوتنا ونحن نقول لكل من يريد أن يضعنا ضمن سلة البيض العربي الفاسد إننا لسنا منهم، ولا نشبههم ولانريد أن نتشبه بهم، يحدث شيء مغاير. علينا بكل تواضع ودون أي عقدة أو خوف من الإتهامات الفارغة من العدميين أن نقول إن ثمة شيئا مغايراً يحدث في بلدنا، كما كان الحال عليه منذ القرون والقرون. الملك استوعب أن مطالب الشباب في جزء غير يسير منها هي معقولة " ماعندنا مانقولو عليها "، وهو يستجيب لها الواحدة بعد الأخرى.
لي أنا المواطن المغربي الذي أحمل في دواخل الدواخل قلباً يأبى أن يرى دماً مغربياً يراق بالمجان على مذبح صراع سياسي يحله العالم المتحضر اليوم بالجلوس إلى طاولات الحوار أن أفخر بالمسار الكائن في بلدي وأن أضع اليد على الفؤاد خشية أن يمس هذا المسار، أن تقرر له جهة ما، في لحظة طيش ما، أن يتوقف.
إذا كانت هناك من حاجة اليوم لمسيرات في هذا البلد فهي الحاجة إلى مسيرات تطالب بالإستمرار في عملية التواصل هاته بين الملك وشعبه، لأن إيقافها يعني قتلنا جميعاً والإلقاء بنا إلى المجهول. رجاء، لنترك هذا الجسر ممدوداً ولنحاول أن نصلح كل شيء سلمياً فهذا هو قدرنا، وهذا هو الدرس الوحيد الذي يمكن أن نقدمه للعالم العربي المريض : درس الاستثناء المغربي الحقيقي.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق : التكريم الذي قام به منتدى أطر التلفزيون للإعلامي المغربي بن ددوش تكريم في محله، أعاد الرجل إلى الدار التي هجرها منذ سنوات، وأقسم ألا يضع رجليه فيها أبدا مادامت عاملته بجفاء لا يستحقه بعد كل العطاءـات التي قدمها إليها هو وغيره من الإعلاميين الكبار الذين تناساهم تلفزيوننا وإذاعتنا بعد أن تقاعدوا أو بعد أن أجبروا على التقاعد. عودة بن ددوش إلى داره الأولى، ونوعية الحضور الذي ساهم في تكريمه كل ذلك يقول إن خطوة الإدريسي ومنتدى الأطر كانت في محلها وفتحت باب مصالحة تاريخي في التلفزيون بين هذا الأخير وبين أبنائه الغاضبين من جفائه.
المختار الغزيوي عن الاحداث المغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق