تحريف محاضر وترهيب بمخافر الشرطة بالبيضاء
مواطن تحول من ضحية إلى متهم تحت تهديد ضابط شرطة
لا حاجة للمديرية العامة للأمن الوطني إلى قانون أساسي لرجال أمنها، أو مذكرات تنبه بعضهم إلى احترام آدمية الضحايا، أو قرارات تؤدب كل من يسيء إلى صورتها، ويحطم تفاني باقي رجال الأمن، فبعض الأحداث تكشف استهتار بعضهم بالقانون ووقوفهم إلى جانب الظالمين.
حكاية «عمر نوعة» تلخص استمرار بعض العقليات في صفوف الأمن، وتجزم أن الإصلاح مازال طويلا، وأن إرادة المسؤولين لتحقيق العدالة لا تمنع آخرين من وضع العصا في العجلة، تحت تبريرات واهية يدفع المواطنون ضريبتها.
لم يكن عمر يعتقد أن ليلة الخميس 30 دجنبر الماضي ستعيد عقارب الزمن إلى عقود خلت، ففي حدود منتصف الليل كان واقفا في ملتقى طرقي بأحد شوارع حي العيون بالبيضاء، ثم فجأة هوى أحدهم على جسده بقنينة، فأحس بدماء تسيل من وجهه ويديه، في حالة أشبه بالغيبوبة.
أوقف رجال الأمن المتهم، فيما توجهوا بالضحية إلى مستشفى ابن رشد من أجل تلقي الإسعافات الضرورية، حيث أجريت له عدة غرز في وجهه ويديه بلغت 23 غرزة، وسلمت إليه شهادة طبية تحدد مدة العجز في 30 يوما. ثم عاد رجال الأمن، في حدود الساعة الثالثة والنصف صباحا، إلى المستشفى من أجل اصطحابه إلى منزله.
اعتقد عمر أن المتهم نال القصاص، إلا أنه فوجئ يوم الاثنين 03 يناير الماضي حين توجه إلى مقر الأمن بالإفراج عنه، ووجد ضابطا في انتظاره حول كل أمانيه في تطبيق القانون إلى سراب وشعارات يكتوي بها المواطنون البسطاء.
بدأ ضابط في الاستماع إلى أقوال عمر، ثم أمره بالتوقيع على المحضر. وحين بدأ الأخير في قراءته، اكتشف أنه اختلق قصصا لا أساس لها من الصحة، إذ لم يسبق له اللقاء بالمعتدي عليه ويجهل هويته، في حين أن المحضر تضمن أقوالا جديدة، منها مثلا أنهما كانا يجلسان ويتناولان النبيذ، وأن عمر استولى على عشيقته، وهي وقائع لا وجود لها إلا في مخيلة محرر المحضر، حسب عمر.
احتج عمر، فتبدلت معاملة الضابط، وشرع في ركله، بل نزع الأصفاد وهوى بها على جسده الذي ما زال يحمل آثارها إلى حد الآن، وهدده بتلفيق تهمة ضده، مشيرا إلى أن شهودا من رجال الأمن مستعدون للإدلاء بشهادتهم بشأن إهانته للضابطة القضائية، إلى غيرها من التهديدات التي لم تثن الضحية عن التمسك بحقه في محضر يتضمن أقواله، وفي تلك الأثناء حل رئيس المصلحة وأجريت بعض التعديلات على المحضر ووقع عليه الضحية.
في اليوم الموالي، عاد عمر إلى مقر المصلحة، فأمر بألا يعود إلا حين يستدعى مجددا ليحال إلى العدالة، وفطن إلى أنه أصبح بدوره متابعا بعد أن تلقى كل تلك الضربات والإهانات.
وقائع كثيرة تلخص حياة المواطنين بمخافر الشرطة التي يبقى تطبيق القانون فيها الضحية الأولى، فحالة عمر ليست إلا نموذجا للاستهتار وترهيب المواطنين.
خالد العطاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق