16 ديسمبر 2012

إسلام عالم فرنسي على ضوء " الإعجاز في القرآن " والمسلم المغربي أحمد عصيد يكفر به الجزء 1

لنتابع الكشف عن شطحات الأمازيغي والباحث في الثقافة الأمازيغية وفي قضايا الشأن الديني والهوية والإختلاف والديمقراطية، كما يدعون، أحمد عصيد الذي يعادي الإسلام والمسلمين، ويسثهزئ بكلام الله ويلطعن في إعجاز القرآن، ويتحايل بشكل سافر على أخلاق ومبادئ وقيم الإسلام، بل كل ما يأتي من الإسلام وشريعته. ألم يقل في إحدى خرجاته  مجاهداً ضد الله وكتابه الكريم والإسلام والمسلمين ونبيهم صلى الله عليه وسلم : " القرآن إن كان يضم نصوصاً منسوخة ومتجاوزة منذ 1400 سنة باعتراف الفقهاء أنفسهم، فلماذا ظلت هذه النصوص موجودة ضمن الكتاب، تحفظ وتروى وتشرح حتى الآن ؟

... ثم قال ... يعتبر المسلمون دينهم أفضل الأديان وأصحّها على الإطلاق، ويعتبرون ديانات غيرهم خرافية ومنحرفة ولا عقلانية، يقدسون الأنبياء الذين ذكرهم القرآن بتمجيد وتشريف، ويؤمنون بمعجزاتهم الخارقة للطبيعة ". والشطحات بمثل هذا كثيرة جداً، لو شطح منها شطحة واحدة خارج بلده المسلم الذي يحتمي به، وتكلم عن دين اليهود مثلاً، بالطريقة التي يصف بها دين المسلمين، لحوكم بتهمة معاداة السامية، كما حاكمت ماما فرنسا الديموقراطية، آخر فلاسفتها روجي غارودي، الذي كان له مجرد رأي عن المذابح التي تعرض لها اليهود في ألمانيا !!. ومايزيد في الطين بلة، دفاعه المستميت عمن يستفزون الصائمين بالمجاهرة بأكل رمضان، والإعلان عن الشذوذ والحرية الجنسية والإنفتاح اللاأخلاقي، وتغنيه بالحقوق الفردية والقيم المسماة كونية (ولإرضاء بابا الغرب يدعي أن قيمه أعلى وأسمى وأنسب وأصلح !!!، مع العلم أنه لا تربطه بالغرب غير الخير والإحسان، أو أضعف الإيمان شْوِيّة ديال العلمانية المقلوبة، لكن يبدو وكأنه يمهد ليصبح تبشيري على مرأى ومسمع من الدولة والتشريع المغربي الذي يحظر محاولة تغيير ديانات الأفراد. فإذا لا قدر الله، وأراد تغيير دين آبائه الأمازيغ الممتد منذ أربعة عشر قرناً ويرتد عنه، فهذا شأنه شريطة ألا يتجاوز حدود الحريات، ومن بينها احترام دين ومعتقدات وشعائر المجتمع الذي يعيش فيه، وتبقى المسألة بينه وبين ربه من جهة، وبينه وببين الدولة التي لها الحق في تطبيق القانون وما ينص عليه تشريعها، من جهة أخرى، والله يسهل.
ولنقرب كل قارئ لبيب من ممارسات هذا الفيلسوف والباحث ⵃⵎⴰⴷ ⵄⴰⵚⵉⴺ الأمازيغي المبتذلة والمتكررة، سنسرد بعض عناوين مقالاته المعادية للإسلام والمسلمين، والمغاربة وبين قوسين بعض كلامه الذي ورد فيها، حتى نأكد ما ندعي وما نصبو إليه، قبل أن ندخل في صميم الموضوع الذي سيبين لنا نقيضه من المسيحيين الذي  دخل الإسلام عن قناعة لما تبين له صدق الإعجاز في القرآن، الذي يطعن ويكفر به مسلمنا الأمازيغي المغربي، الذي يقول في مقاله : أبواق المساجد وأجراس الكنائس، (إصرارهم، يعني المسلمين،على اعتبار دينهم أفضل الأديان وأصحّها، وديانة غيرهم كما يمارسها الغير " محرفة ")، وفي المغرب والتبشير المسيحي يقول : (التضييق على مغاربة غيروا دينهم أو ينوون ذلك... كل أشكال القذف والتشهير في إطار مادة تدعى " التربية الإسلامية "، تعتبر " الضالين " هم المسيحيين و" المغضوب عليهم " هم اليهود). وفي مقاله : متى يفهم المسلمون ما يجري ؟ يقول : (ظلوا يعتقدون في طهرية أسطورية جعلتهم، يعني المسلمين، ينتقمون من عصرهم بـ" التعالي " عليه، التعالي السيكولوجي الوهمي بالطبع الذي يعتقدون بموجبه أنهم " خير أمة " ما زالت تحمل " رسالة خالدة إلى العالمين). وفي مقاله : هل الرابطة الدينية هي أساس الوحدة بين المغاربة ؟، قال : (ليس المغاربة في واقع حياتهم على دين واحد أوحد، و لا على نمط واحد من التدين حتى يكون الدين عامل توحيد لهم). أما في مقاله : أسئلة الإسلام الصعبة، فيقول: (اللحظات التي تصور على أنها " عصر ذهبي " للإسلام والتي هي مرحلة النبوة والخلفاء الراشدين كانت أيضاً مرحلة حروب فظيعة واقتتال شنيع وأحداث مهولة، ولم تكن مرحلة سلم وحضارة وازدهار... القرآن إن كان يضم نصوصاً منسوخة ومتجاوزة منذ 1400 سنة باعتراف الفقهاء أنفسهم فلماذا ظلت هذه النصوص موجودة ضمن الكتاب تحفظ وتروى وتشرح حتى الآن ؟ ... يعتبر المسلمون دينهم أفضل الأديان وأصحّها على الإطلاق، ويعتبرون ديانات غيرهم خرافية ومنحرفة ولا عقلانية، يقدسون الأنبياء الذين ذكرهم القرآن بتمجيد وتشريف ويؤمنون بمعجزاتهم الخارقة للطبيعة... عليهم، (المسلمين)، إعادة القراءة والتمحيص والتفسير والتأويل من أجل التخلص من النصوص المتجاوزة والخروج من عنق الزجاجة إلى العالم الرحب). وفي مقاله : أنّ دين الدولة مفروض وليس اختياراً حراً ، فهو يقول : (أي أن دين الدولة مفروض ومراقب بالسلطة القمعية وليس خياراً للمجتمع). أما في مقاله : ما لا يفهمه المسلمون فهو يقول : (من أين جاء هذا الخوف من صوامع المسلمين ومآذنهم ؟ الجواب هو أن الشعب السويسري لم ير في مساعي المسلمين مطلباً ديمقراطياً، بل قرأ فيها أموراً أصابته بالرعب بعد ما لاحظ سلوكهم وثقافتهم وقيمهم التي يبشرون بها). أما في مقاله : رمضان عقيدة دينية أم قرار للدولة ؟، فقد قال : (قضية الإنسجام العقائدي القسري الذي تفرضه السلطة على المجتمع، والتي تجعلنا نتساءل هل الشعائر الدينية عقائد للمؤمنين بها أم قرارت للدولة تلزم جميع أعضاء المجتمع ؟)، كل هذا عن وكالين رمضان نهاراً جهاراً، حيث قال في شطحة أخرى من شطحاته، مدافعاً عنهم وعن أصحاب الشذوذ الجنسي والإجهاض : إن المؤمن الذي تستفزه مظاهر الإختلاف هو ضحية مفهوم منحرف للتديّن، كما يعاني من نقص في الإلمام بدينه من منظور منفتح، ومن انعدام التربية على حقوق الإنسان وعلى احترام الغير كما هو، لا كما يريده المؤمن أن يكون. فرد عليه الشيخ الفزازي قائلاً : بهذه الكلمات ينصب الأستاذ عصيد نفسه شيخاً واعظاً للمؤمن، ومعلماً حدقاً لمن تستفزه مظاهر الإختلاف ويقع ضحية مفهوم منحرف للتدين. ونحن ما عهدنا الأستاذ عصيد رجل دين ولا عالم شريعة ولا فقيها مبتدئاً... بله فقيها متمرساً. ما هي مظاهر الإختلاف هذه يا أستاذ عصيد ؟، لماذا هذا التلبيس على القارئ ؟، لماذا لا تكون أكثر صراحة وتفصح عن مكنونك ؟، أليست حرية الردة داخلة عندك في مظاهر الإختلاف ؟، أليست حرية الإجهاض أي قتل النفس بالباطل رغماً على ما تدعونه من تشبث بالقيم الكونية داخلة عندك في مظاهر الإختلاف ؟، أليست المجاهرة بالإفطار في رمضان غصباً عن هذا الشعب المسلم داخلة عندك في مظاهر الإختلاف ؟، أليس الشذوذ الجنسي من لواط وسحاق داخلة عندك في مظاهر الإختلاف ؟ أليست حرية الزنا والدعارة والعهر داخلة عندك في مظاهر الإختلاف ؟... هذه هي مظاهر الإختلاف المسكوت عنها هنا والمعبر عنها بوضوح في أماكن أخرى سواء على لسانك أم على لسان من يوصفون بالحقوقيين... والحقوق منهم براء.. ووو... إنتهى (كلام الشيخ). ومقالات أخرى ك " الإعجاز العلمي في القرآن تعويض نفسي عن نهضة مجهضة، و " الدولة الاسلامية ليست دولة مدنية "، وغيرها كثير، ولنكتف منها بما ذكرنا خشية الإطالة المملة.
ألم يقل الإمام الغزالي على من هم على شاكلة هذا الفيلسوف، في كتابه تهافت الفلاسفة : إني رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء، بمزيد الفطنة والذكاء، قد رفضوا وظائف الإسلام من العبادات، واستحقروا شعائر الدين من وظائف الصلوات، والتوقي عن المحظورات، واستهانوا بتعبدات الشرع وحدوده، ولم يقفوا عند توفيقاته وقيوده، بل خلعوا بالكلية ربقة الدين، بفنون من الظنون، يتبعون فيها رهطاً يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً،
وهم بالآخرة هم كافرون.
ونبدأ موضوعنا الإعجاز في القرآن، وأستاذ الفلسفة أحمد عصيد، الأمازيغي والباحث في الثقافة الأمازيغية وفي قضايا الشأن الديني والهوية والإختلاف والديمقراطية، نقيض العالم الفرنسي موريس بيكاي الذي أسلم على ضوء الإعجاز في القرآن، لنعطيه بعض الأمثلة المتواضعة، مع العلم أننا لسنا أساتدة ولا رجال دين ولا علماء شريعة ولا فقهاء، ولا ننتمي لأي حزب أو جمعية، بل حتى وظيفة مخزنية أو شبه مخزنية، أو لأية جهة أو طريقة، ونحمد الله أولاً، على أننا لسنا فلاسفة، بل مواطنين عاديين، " قْرَاوْ حَدُّو قَدُّو "، كما يقول العامة مثلنا، ونحمد الله، مرة أخرى، على أَنْ مَنَّ علينا بالإسلام، ووهب لنا أن نغير عليه ولو بأضعف الإيمان.
قال تعالى في سورة يونس ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾.
من هذه الآيات سننطلق إن شاء الله إلى القصة التي كانت سبباً في إسلام العالم الفرنسي موريس بيكان ونبدؤها بتلبية سيدنا موسى عليه السلام لنداء ربه، إذ حمل الرسالة ومعه المعجزات، ودخل مصر مع أخيه هارون، وقابل فرعون، وبعد عدة محاولات لإقناعه للهداية، إلا أنه لم يقتنع وأراد الحرب.
قال تعالى في سورة الذخان : ﴿ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، وَأَنْ لّا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ، وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ، وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ، فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ، وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾. وهكذا أمره وطمنه بأن لا يخشى ولا يتوقع أن يلحق به فرعون، بل يجتاز البحر ويتركه فإنه سيطغى على فرعون وجنده فيغرقون.
فتوكل على الله، وكان من أمره المواجهة والحرب، فبمنطق الأحداث، كان بنو إسرائيل قلة، وكان فرعون وجنوده الكثر سيدركونهم، ولكن بمنطق الحق سبحانه وتعالى فإنه سيهيئ لهم طريق النجاة. قال تعالى في سورة البقرة : ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾. وأعلم الله موسى حين أمره بالإسراء بأنه يضرب البحر بعصاه، فيصبح كل جزء منه كالجبل، فينفلق عن قعره اليابس حتى يمر منه وقومه. فعصا موسى ليست بعصا سحرية، بل هي آية من آيات الله الكبرى، ومعجزة من معجزات الأنبياء، يقول الله تعالى : ﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾.
وذلك ما كان، لقد ضرب سيدنا موسى البحر كما أوحى له وأمره بذلك ربه، لكنه توقع أن يلحق به فرعون وجيشه إلي البحر ليعبروه وراءهم، فأراد، مرة ٱخرى، أن يضرب البحر بعصاه ليعود إلي السيولة، لكن الله أوحى إليه في سورة الدخان : ﴿ وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾، أي أترك البحر على ما هو عليه، حتى يتبعكم قوم فرعون، ظانين أنهم قادرون على أن يسلكوا نفس الطريق ويمشوا فيه. وفعلاً وطمعاً من قوم فرعون، في اللحاق بموسى وقومه، شرعوا في العبور، وما أن وصل نبي الله وقومُه ناجينَ إلى البَرِّ من الضِّفَّةِ الأخرى، وجنود فرعون توسطوا اليابس من البحر، حتى أطبقَه عليهم، وغرق فرعونَ ومَنْ معه، يقولُ الله تعالى في سورةِ يونُس : ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا، حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، الآنَ َوَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكًنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾. لقد فات الأوان، فإعلانَ التوبةِ من فِرْعَوْنَ ما صَحَّ وما قُبِلَ، لأنَّ من شروطِ التوبةِ أن تكونَ قبل حالةِ اليأسِ من الحياةِ كإدراكِ الموت أو الغَرَقِ هنا لا محالة، وهو ما حصل مَعَ عدوِّ اللهِ فِرْعَوْنَ، فأغرقه الله وجيشه وسط الأمواج العاتية، في قصة واقعية كبيرة ومؤثرة، انتهت بانتصار موسى عن طريق معجزة عظيمة، وغرق فرعون الطاغية المتجبر والمتكبر وعاصي الله.
تحققت المعجزة إدن، ومَعَ ذلك شكك بعضُ أتباعِ فِرْعَوْنَ من بلاطه وكهنته، الذين لم يكونوا مع جيشه الهالك في الأمر، وادعوا أنَّه اختفى ولم يمت، فأظهر اللهُ تعالى جَسَدَ فِرْعَوْنَ الغريق، مصداقاً لقوله تعالى في سورة يونُس : ﴿ فالْيَومَ نُنَجِّيكَ ببَدَنِكَ لتكونَ لِمَنْ خَلْفَكَ أيةً، وإنَّ كَثيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾. فقاموا بتحنيط جثته ونقل تابوته إلى المقبرة التي كان قد أعدها لنفسه في وادي الملوك، وكان يبلغ عند غرقه 90 عام من عمره قضى فيها 67 عاماً في حكم مصر..
على مر العصور كان نهب المعابد والمقابر الفرعونية متفشياً في مصر، وبعد مرور أكثر من قرن من الزمان، استقر رأي كهنة آمون على الحفاظ على جثث الفراعنة، وبالذات جثة رمسيس الثاني، فأعيد لفها في كفن خارجي جديد ووضعت في تابوت خشبي عادي للتمويه، وتم نقله ودفنه في مقبرة والده سيتي الأول مع مجموعة أخرى من مومياوات الفراعنة السابقين وسُجِّل على الكفن أن ذلك تم في اليوم الخامس عشر من الشهر الثالث في السنة 24 من حكم رمسيس الحادي عشر. وبما أن رمسيس الحادي عشر كان هو آخر فراعنة الأسرة العشرين وحكم 27 سنة، فإن العام الذي أعيد فيه تكفين ودفن جثة رمسيس الثاني كان في عام 1089 ق.م، أي بعد وفاته بـ 127 سنة. ومع ذلك فالعبث بالمقابر الملكية لم يتوقف. وفي عصر الأسرة الحادية والعشرين حينما توفي كبير كهنة آمون " بينودجيم الثاني "، قرر زملاؤه الكهنة إنهاء العبث بجثث الفراعنة فجمعوا جثثهم واتخذوا من دفن كبير الكهنة ستاراً ودفنوا الجميع في قبر الملكة " إنحابي" بالدير البحري والذي تم توسعته ليتسع لجميع جثث الفراعنة منذ عصر الأسرة الثامنة عشرة، بما فيهم مومياء رمسيس الثاني. وأغلقوا القبر، وردموا المدخل تماماً وضيعوا المعالم حوله حتى لا يستدل عليه اللصوص، وسجلوا أن ذلك قد تم في السنة العاشرة من حكم الملك " سيامون " في عام 969 ق.م. فبقي القبر الجديد سالماً من عبث اللصوص ونسي تماًما لأكثر من 2800 سنة، إلى أن عثر فلاح وإخوته مصادفة سنة 1872م على مدخل المقبرة وأخفوا اكتشافهم، وظلوا يترددون عليها سراً يأخذون ما خف وزنه وغلا ثمنه مثل الجواهر والحلي والأواني. وبعد عشر سنوات على اكتشافهم هذا، افتضح أمرهم فانتقل مسؤولون من هيئة الآثار المصرية  في 6 يوليو عام 1881م، إلى مقبرة " الدير البحري "، ونقلوا جميع المومياوات وكل المحتويات إلى القاهرة، حيث أودعت في المتحف المصري في بولاق. وبعد اختبارات وفحوصات اكتشف الخبراء أن من بين المومياوات توجد مومياء رمسيس الثاني. ويقول خبير الآثار إبراهيم النواوي أنه في سنة 1902 ثم فك لفاف مومياء رمسيس الثاني لإجراء كشف ظاهري، ولمعرفة ما يوجد تحت اللفاف، وهل هناك مجوهرات أو تمائم أو غير ذلك، والذي حدث هو أن اليد اليسرى  للمك رمسيس الثاني، ارتفعت إلى أعلى بمجرد فك اللفاف، وهي فعلاً تبدو لافتة للنظر بالنسبة لغيرها من المومياوات (الفرعون الذي يطارده اليهود ـ كتاب اليوم ــ سعيد أبو العينين ـ ص 60)ـ
ربما لم يعيروا للأمر أهمية رغم الوضع الغير مألوف لدى جميع الجثت، لكن لنتصور ما حدث، ولنعيد الشريط لأكثر من ثلاثة آلاف سنة، أي إلى 1225 ق.م، حيث أن فرعون وجيوشه يطاردون بنو إسرائيل، فوجدوا الطريق الذي سلكه سيدنا موسى عليه السلام مشقوقاً وسط البحر، فساروا فيه، مع ابتسامة انتصار فرعون، ظاناً أنه سيلحق به. وما أن توسط البحر المشقوق وجنوده، حتى تفاجأ، ونظر ولم يصدق ما رأى ...، إنها موجة هائلة من المياه قادمة اتجاهه هادرة مزمجرة كالطوفان. كانت لطمة المياه من الشدة جعلت المتكبر الجبار، بكل قوة ما بقبضة يده اليسرى الممسكة بدرعه، يرفعها بحركة لا شعورية ليتقي بها شر موجة المياه المتدفقة نحوه لتغمره، فأطبقَ الله البحر عليه وأغرقه وجيوشه. وبهذه الحركة المتجبرة واللاشعورية لفرعون، وتوتره العصبي الشديد عرضه الله، لما يعرف بالتوتر الرمٌي، فتقلصت عضلات دراعه الأيسر وظل مرفوعاً، رغم أنه كان من المفروض أن يحدث الإرتخاء الثانوي بعد التوتر الرمٌي، وترتخي العضلات، ولعله حدث في كل أجزاء جسمه إلا في الدراع الأيسر الذي بقيت عضلاته في الإنقباض الذي كانت عليه لحظة الغرق، ولم يشفع بعد ذلك حتى للتحنيط أن يرخيها. فالمصريون القدامى كانوا يحنطون جثت فراعنتهم بدهنها بالزيوت والرتنجات والمراهم، لترتخي لحظة التحنيط وتصبح العضلات والمفاصل مثل المطاط وتحتفظ بنعومتها، وتبقى المومياء محفوظة لقرون وقرون. ولا شك أن المحنطون لاحظوا باستغراب أثناء تحنيط رمسيس الثاني، أن دراعه الأيسر بقي مرفوعاً، وأنهم كلما وضعوه جانباً، أو ضموه إلى الصدر، إلا وعاد ليرتفع إلى ذلك الوضع، فأحكموا ربطه إلى صدره باللفائف التي كانت تلف بها الجثت، وظل مربوطاً لقرون.
لنرى الآن أين اختفى الدرع الذي كان ممسكاً به فرعون بيده اليسرى التي تصلبت، والذي لم يعثر عليه حين اكتشفت مومياء رمسيس الثاني ؟. فمن الطبيعي أن يقول قائل لقد جرفته الأمواج بعد أن أفلت من قبضة يده حين غرقه، لكن حسب تفسير بعض العلماء لسورة يونس، فإن درعه كان معه حين أخرجت جثته، فيبقى احتمالين أولهما، ربما أخذه الكهنة الذين ادعوا أن فرعون اختفى ولم يمت واستولوا عليه قبل ذفنه، وثانيهما، ربما استحود عليه اللصوص الذين ذكرنا أنهم كانوا يسرقون من مقبرته ما بين سنة 1872م و1881م. وهذا ما يتأكد من تفسير الحسين بن مسعود البغوي، في الجزء الرابع من كتابه : تفسير البغوي، للآية : ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ ﴾ أي نلقيك على نجوة من الأرض، وهي : المكان المرتفع. وقرأ يعقوب " ننجيك " بالتخفيف، ﴿ بِبَدَنِكَ ﴾ بجسدك لا روح فيه. وقيل : ببدنك : بدرعك، وكان له درع مشهور مرصع بالجواهر، فرأوه في درعه فصدقوا . ﴿ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾ عبرة وعظة، ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾.

يتبع ... الجزء الثاني 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق